المازندراني في هذا الأمر : ( وقد تحير العقلاء في حقيقته ، واعتراف کثير منهم بالعجز عن معرفته حتى قال بعض الأکابر : إن قول أمير المؤمنين ٧ : « من عرف نفسه فقد عرف ربه » ، (١) معناه أنه کما لا يمکن التوصل إلى معرفة النفس أعني الروح كذلك لا يمكن التوصل إلى معرفة الرب ، وقوله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) ، (٢) مما يعضد ذلک ، وحمل الروح هنا على ما هو مبدأ التأثير والحرکة والحياة ، سواء کان مجرداً عن الکثافة الجسمانية ، أو منطبعاً في مادة جسمانية يشمل الأقسام الخمسة ... ). (٣)
وقد نقل السيد نعمة الله الجزائري قولهم في حقيقة النفس ، قائلاً : ( قالوا : إنها معلومة الوجود مجهولة الکيفية ، فکما أن کيفية الرب غير مدرکة لنا لتعالى حده ، کذلک کيفيتها غير معلومة لنا لتدانى حدها ، فعلى هذا معنى قوله : « من عرف نفسه فقد عرف ربه » من باب تعليق المحال على المحال ). (٤)
وقد نفهم من قوله تعالى في جواب من سأل الرسول الأکرم ٩ عن معرفة حقيقة الروح ، حيث جاء فيه : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) ، (٥) من أنه کان جواباً لهم ، ولکن مدارکهم العقلية عجزت عن فهم هذا الجواب ، فقد جاء في ميزان الحکمة عن تفسير الميزان : ( فأفاد أن الروح من سنخ أمره ثم عرف الأمر في قوله تعالى : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ، (٥) فأفاد أن الروح من الملکوت ، وأنهما کلمة « کن » ثم عرف الأمر بتوصيفه بوصف آخر بقوله : ( وَمَا أَمْرُنَا
ــــــــــــــــ
١. محمد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ٥٨ ، ص ٩١ ؛ ج ٦٦ ، ص ٢٩٣ ؛ ج ٦ ، ص ٢٥١ ؛ نعمة الله الجزائري ، نور البراهين ، ص ٩٣ ؛ الحر العاملي ، الجواهر السنية ، ص ١١٦ ؛ ابن أبي جمهور الاحسائي ، عوالي اللئالي ، ج ٤ ، ص ١٠٢.
٢. الإسراء ، ٨٥.
٣. محمد صالح المازندراني ، شرح أصول الکافي ، ص ١١٨.
٤. نعمة الله الجزائري ، نور البراهين ، ج ٢ ص ٤٠٢.
٥. الإسراء ، ٨٥.
٦. يس ، ٨٢ ، ٨٣.