( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ). (١)
ولقد ذُکِرَت للعدالة معاني لغوية واصطلاحية ، فقد جاء في کتاب أقرب المواد : ( العدل : الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط ، والقصد في الأمر : ضد الجور ... ) ، (٢) وأما في کتاب غريب القرآن فقد قال فيها : ( العدالة والمعادلة لفظ يقتضي معنى المساواة ، ويستعمل باعتبار المضايفة ... إلى أن قال : فالعدل هو القسط على السواء ، وعلى هذا روي : بالعدل قامت السموات والأرض ) ، ولکن أحسن ما جاء فيها ، وهو ذلک المعنى الذي خرج عن مشکاة النور عن أمير المؤمنين فقد قال فيها : « العدل يضع الأمور مواضعها » ، (٣) وموضع کل شيء بحسبه.
وأما المعنى الاصطلاحي فقد قيل فيه ، کما عن صاحب بداية المعارف : ( ... وظاهره هو اختصاصه بما إذا کان في البين حق ، وإلاّ فلا مورد له ، فإعطاء الفضل والنعم مع تفضيل بعض على بعض لا ينافي العدالة ، ولا يکون ظلماً ؛ إذ الذين أنعم عليهم لا حق لهم في التسوية حتى يکون التبعيض بينهم منافياً للعدالة ، نعم لابد أن يکون التبعيض التفضيل لحکمة ومصلحة ، وهو أمر آخر ... ) ، (٤) نعم قد يستعمل العدل بمعنى الحکمة ، وعليه يکون مرادفاً لها ، ولعل منه قول مولانا أمير المؤمنين : « ولعدله في کلّ ما جرت عليه صروف قضائه » ، (٥) والتفصيل في هذا الأمر يخرجنا عن هدفنا ، ولم يبقَ إلا أن نبين لکم ما استفدناهُ من برهان في باب عدله تعالى لإثبات ضرورة المعاد ، وإليک تقريره على أساس المنهج المنطقي :
ــــــــــــــــ
١. التحريم ، ٧.
٢. سعيد الحوزي الشرتوتي ، أقرب الموارد في فصيح العربية والشوارد ، مادة عدل.
٣. نهج البلاغة ، قسم الحکم ، الرقم ٤٣٧.
٤. محسن الخرازي ، بداية المعارف ، ص ١٠٢
٥. نهج البلاغة الجامع لخطب أمير المؤمنين على بن أبي طالب ٧ ، قسم الخطب ، الخطبة ٢١٦ ؛ لابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ج ١١ ، ص ٨٨ ؛ بحار الأنوار ، ج ٤١ ، ص ١٥٢ ، ٢٥٦ ؛ محمد ري شهري ، ميزان الحکمة ، ج ٣ ، ص ٢٥٧٠ ؛ محمد مهدي شمس الدين ، دراسات في نهج البلاغة ، ص ١٤١.