الفقهية المعبرة عن يسر هذا الدين العظيم وروحه السمحة ، ومن بين تلك القواعد الفقهية المتفق عليها ، قاعدة الضرر يُزال ، وقاعدة الضرورات تبيح المحظورات ، وغيرهما من القواعد الفقهية المتفرعة عن قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) (١) وقد استمدوا هاتين القاعدتين من أُصول التشريع الإسلامي : قرآناً وسُنّة.
والسؤال المهم هنا ، هو : هل أنّ الشريعة الإسلامية أباحت للمُكْرَهِ أو المضطر كل محرم مهما كان بسبب ذلك الإكراه أو الاضطرار.
وبعبارة أُخرى : هل أن حديث الرفع المشهور عند جميع المذاهب الإسلامية) (٢) يجري على كل اكراه ، أو أنّ له حدوداً ثابتة لا يمكن تجاوزها بحال ؟
والواقع ، إن الإجابة المفصلة على هذا التساؤل المهم جداً في بيان حكم ما يُكرَه عليه ، لا يمكن أن تتم ما لم يُعرَف قبل ذلك نوع الضرر المهدد به المكرَه ، مع معرفة الآثار السلبية الناجمة عن تنفيذ المكرَه للنطق أو الفعل الذي أُكْرِه عليه.
بمعنى ، ان تكون هناك معرفة بحجم الضرر المهدد به المُكْرَه ، مع معرفة المحرّم الذي يراد تنفيذه كرهاً ؛ لكي تجري عملية موازنة بين الضررين ، حتى يرتكب أخفهما حرمة في الشريعة.
وفي المسألة صور كثيرة جداً ، إذ قد يكون الإكراه ، على قتل مسلم ، أو
____________
(١) اُنظر : الأشباه والنظائر / السيوطي : ١٧٣ القاعدة الرابعة ، طبعة دار الكتاب العربي.
واُنظر قاعدة لا ضرر / السيد السيستاني ١ : ١٥٨.
(٢) سيأتي ذكر الحديث في أدّلة التقيّة من السُنّة النبوية.