أنّه قال : « .. هم في سعة حتى يعلموا » (١) وقول الإمام الصادق عليهالسلام :
« كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي » (٢) وقوله عليهالسلام : « كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نص » (٣) وهذا يعني دخوله في باب البراءة.
أما الضرر الدنيوي المظنون والمحتمل ، فإنّ العقل يحكم بوجوب دفعه ولا فرق بينه وبين الضرر المعلوم من هذه الجهة ؛ لأنّ الإقدام على مالا يؤمَّن معه الضرر قبيح عقلاً.
فأي منا مثلاً إذا تردد عنده سائل موجود في اناء بين كونه سماً أو ماءً ولا يحكم عقله بوجوب اجتناب ذلك السائل ؟ والخلاصة : إنّ الضرر الدنيوي يحكم العقل بوجوب الابتعاد عنه معلوماً كان أو مظنوناً أو محتملاً (٤).
وواضح أنّ الاستدلال بالعقل على مشروعية التقيّة ، إنّما هو من جهة حرص العاقل على حفظ نفسه من التلف ، بل ومن كل ما يهدد كيانه بالخطر ، أو يعرّض شرفه إلى الانتهاك ، أو أمواله إلى الضياع.
والتقيّة ما هي إلّا وسيلةٌ وقائيةٌ لحفظ هذه الامور وصيانتها عندما يستوجب الأمر ذلك على أن لا يؤدي استخدامها إلى فسادٍ في الدين أو المجتمع كما لو أبيحت في الدماء مثلاً.
____________
(١) فروع الكافي ٦ : ٢٩٧ / ٢ باب ٤٨ من كتاب الأطعمة.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧ باب ٤٥.
(٣) عوالي اللآلي ٢ : ٤٤ / ١١١.
(٤) راجع في ذلك مقالات الشيخ محمد جواد مغنية : ٢٥٠ ـ ٢٥٣ ، ط ٢ ، دار ومكتبة الهلال ، بيروت / ١٩٩٣ م.