بين يدي المتوكل ، والمغنون يغنون : أقبل البطين خليفة المسلمين! وهم يعنون عليا أمير المؤمنين ، والمتوكل يشرب ويضحك ، وفعل ذلك يوما وابنه المنتصر حاضر ، فقال لأبيه : إن الذي يحكيه هذا الكلب ويضحك منه الناس هو ابن عمك ، وشيخ أهل بيتك ، وبه فخرك ، فكل أنت لحمه إذا شئت ، ولا تطعم هذا الكلب وأمثاله ، فقال المتوكل للمغنين : غنوا :
غار الفتى لابن عمه |
|
رأس الفتى في حِرّ أُمه |
وسمعه يوما يشتم فاطمة بنت الرسول ، فسأل أحد الفقهاء ، فقال له : قد وجب عليه القتل ، إلاّ أن من قتل أباه لم يطل عمره ، فقال المنتصر : لا أُبالي إذا أطعت اللّه بقتله أن لا يطول عمري ، فقتله ، فعاش بعده سبعة أشهر (١).
ومن جرائم المتوكّل إشخاصه الإمام الهادي عليهالسلام إلى عاصمة ملكه سامراء ليكون تحت رقابته بعديدا عن قاعدته في المدينة معزولاً عن شيعته ومواليه بعد أن سعى عماله في المدينة ومنهم عبداللّه بن محمد بن داود بأبي الحسن الهادي عليهالسلام إلى المتوكّل ، هذا فضلاً عن حقد المتوكّل وبغضه لأهل البيت عليهمالسلام ، قال سبط ابن الجوزي : «إنّما أشخصه المتوكّل إلى بغداد ، لأنّ المتوكّل كان يبغض عليّا عليهالسلام وذريّته ، فبلغه مقام علي عليهالسلام بالمدينة وجعل الناس إليه فخاف منه» (٢).
وقد تحمّل الإمام الهادي عليهالسلام في سامراء من المتوكّل وزبانيته أنواع
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٦ : ١٠٩.
(٢) تذكرة الخواص : ٣٢٢.