مدخله .. ألا وأن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، وأحلوا حرام اللّه ، وحرموا حلاله ، وأنا أحق من غير ، وقد أتتني كتبكم ، وقدمت علي رسلكم ببيعتكم ، وأنكم لاتسلموني ولا تخذلوني ، فإن تممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم ، فإني الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله نفسي مع أنفسكم ، وأهلي مع أهليكم ، فلكم فيَّ أُسوة. وإن لم تفعلوا ، ونقضتم عهدكم ، وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر ، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم بن عقيل ، والمغرور من اغترّ بكم ، فحظكم أخطأتم ، ونصيبكم ضيعتم ، ومن نكث فإنّما ينكث على نفسه» (١).
فهو هنا يبين لهم أسباب ثورته : إنها للوقوف بوجه الظلم ، والاضطهاد والتجويع ، وتحريف الدين ، واختلاس أموال الأمة. إنّها للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ثم انظر كيف لمح لهم إلى ما يخشون ، لقد علم أنهم يخشون الثورة لخشيتهم الحرمان والتشريد ، فهم يؤثرون حياتهم على ما فيها من انحطاط وهوان على محاولة التغيير خشية أن يفشلوا فيعانوا القسوة والضنك.
لقد علم منهم هذا فقال لهم :
«وأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول اللّه ». فبيّن لهم مركزه أولاً ، ثم قال لهم : «نفسي مع أنفسكم ، وأهلي مع أهليكم ، فلكم فيّ أسوة»
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٢٨٠ ، أعيان الشيعة ٤ ، قسم أول : ٢٢٨ ـ ٢٢٩.