إني عذت بربي وربِّكم أن ترجمون. أعوذ بربي وربِّكم من كلّ متكبر لا يؤمن بيوم الحساب» (١).
بهذا الكلام فضح الحسين عليهالسلام الزخرف الديني في الحكم الأموي ، فليس إنسانا عاديا هذا الذي ثار على هذا الحكم ، إنه ركيزة من أعظم الركائز التي قام عليها الاسلام ... الدين الذي يبرر به هذا الحكم وجوده. ومن ناحية أخرى أشعرهم أن الظلم يجب أن يقابل بالثورة. والاحتجاج ... بالعمل الاستشهادي حتى ولو كان هذا الظلم صادرا من جهاز حكمٍ يحكم باسم الدين ، لأن الحكم بمجرد أن يظلم يتنكر للدين.
لقد توجه بخطابه إلى الجنود ...
الجنود الذين يعلم أنهم مأمورون ، وأنهم لايملكون أن يفعلوا ما يريدون ، توجه إليهم ليؤكد في أذهانهم ومشاعرهم الحقيقة التي سترعبهم وسترعب المجتمع الاسلامي كله بعد قليل ... الحقيقة الصارخة بأنه ومن معه أبناء رسول اللّه نبي الدين الذي يحكم باسمه الأمويون ، إنه ومن معه منحدرون من هذه الأصول العريقة في تاريخ الإسلام : محمد رسول اللّه ، علي ، فاطمة ، جعفر ، حمزة. إنه يقرر في أذهانهم أنهم لايطلبونه بقتيل قتله منهم ، ولا بمال أحتجبه عنهم ، ولا بجراحة أصاب بها أحدهم ، وإنّما يطلبونه لأنّه ثار على الحكم الأموي الفاسد ، هذا الحكم الذي يصر على قتله باسم الدين ، وهو في مركزه الديني العظيم!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٢٥ ـ ٤٢٦ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٢٨٧ ـ ٢٨٨.