الخاسرين».
وغادروا القبر مستقتلين ، فقاتلوا جيوش الأمويين حتى أبيدوا جميعا (١).
ولقد اعتبر التوابون أن المسؤول الأول والأهم عن قتل الحسين عليهالسلام هو النظام وليس الأشخاص ، ولذا نراهم توجهوا إلى الشام ولم يلقوا بالاً إلى من في الكوفة من قتلة الحسين عليهالسلام.
ونلاحظ هنا أن هذه الثورة قد انبعثت عن شعور بالإثم والندم ، وعن رغبة في التكفير. فمن يقرأ أقوالهم ، وكتبهم وخطبهم يلمس فيها الشعور العميق بالإثم والندم ، والرغبة الحارة في التكفير وكونها صادرة عن هذه البواعث جعلها ثورة إنتحارية ، فالثائرون هنا يريدون الإنتقام والتكفير. ولا يستهدفون شيئا آخر وراء ذلك ، فلا يريدون نصرا ، ولا ملكا ، ولا مغانم ، وإنما يريدون انتقاما فقط ، وقد خرجوا من ديارهم وهم على مثل اليقين بأنهم لايرجعون إليها ـ كانوا يريدون أن يموتوا ، ولقد بذل لهم الأمان فلم يقبلوا (١). وإذن ، فلم تكن لهذه الثورة أهداف اجتماعية واضحة ومحددة. لقد كان الهدف الواضح منها هو الإنتقام والتكفير.
وكون هذه الثورة انتقامية انتحارية لاهدف للقائمين بها إلاّ الانتقام والموت في سبيله يفسر لنا قلة عدد المستجيبين لها إلى النهاية. فقد أحصى ديوان سليمان بن صرد ستة عشر ألف رجل لم يخرج معه منهم سوى أربعة
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ : ٤٢٦ ـ ٤٣٦ و ٤٤٩ ـ ٤٧٣.
(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٤٦٩.