أمل الإصلاح الاجتماعي والإنتقام ، استجاب مجتمع العراق لابن الزبير ، فهو عدو الأمويين ، من جهة ، وهو يتظاهر بالإصلاح والزهد والرغبة عن الدنيا من جهة أخرى ، فلعل سلطانه أن يحقق كلا الأمرين.
ولكن سلطان ابن الزبير لم يكن خيرا من سلطان الأمويين ، لقد أخرج العراق عن سلطانهم ، ولكن قاتلي الحسين كانوا مقربين إلى السلطة كما كانوا في عهد الأمويين. أن شمر بن ذي الجوشن ، وشبث بن ربعي ، وعمر بن سعد ، وعمرو بن الحجاج ، وغيرهم ، كانوا سادة المجتمع في ظل سلطان ابن الزبير ، كما كانوا سادته في ظل سلطان يزيد.
كما أنه لم يحقق لهم العدل الاجتماعي الذي يطلبونه. لقد كانوا يحنون إلى سيرة علي بن أبي طالب عليهالسلام فيهم ، هذه السيرة التي حققت لهم أقصى ما يمكن من رفاه وعدل ، هذا عبداللّه بن مطيع العدوي عامل ابن الزبير على الكوفة يقول للناس أنه أمر أن يسير بسيرة عمر وعثمان فيقول له المتكلم بلسان أهل الكوفة :
« .. أما حمل فيئنا برضانا ، فأنا نشهد أنا لانرضى أن يحمل عنا فضله ، وإلاّ يقسم إلاّ فينا ، وأن لا يسار فينا إلاّ بسيرة علي بن أبي طالب ، التي سار بها في بلادنا هذه ، ولا حاجة لنا في سيرة عثمان في فيئنا ولا في أنفسنا ، ولا في سيرة عمر بن الخطاب فينا ، وإن كانت أهون السيرتين علينا» (١).
كان هذا أو ذاك سببا في انخذال الناس عن ابن الزبير ، وتأييدهم لثورة
__________________
(١) أنساب الأشراف ٥ : ٢٢٠ ـ ٢٢١.