البصري».
لم يكن بين الأخوين تنسيق تام في العمل العسكري ، فخرج محمد النفس الزكية تحت ضغط أنصاره ، فيما كان إبراهيم يحقق نجاحا متواصلاً في التوطيد للثورة العامة في التوقيت المناسب ، فبلغه استشهاد أخيه ومقتل العديد من أصحابه وتفرق الآخرين. وهذا وإن كان قد زاد إبراهيم وأصحابه حماسا إلاّ أنه قد قلّص من مساحة الثورة واختزل الكثير من أنصارها وامتداداتها. وكان موقف الخليفة العباسي حرجا أمام توسع سلطان إبراهيم إذ لم يكن معه من الجند في العاصمة سوى ألفين معظمهم من السودان ، فاستخدم الحيل ليوهم أهل الكوفة بعضمة جيشه كي لايجسروا على الثورة ، ثم كتب إلى عيسى بن موسى يستحثه على الرجوع ، ودعا مسلم بن قتيبة من الريّ ، فضم الجيشين معا ، وجيشا من الري وجهه إلى الأهواز ، ودارت المعارك فانهزم الجيش العباسي هزيمة نكراء ، حتى أمر أبو جعفر باعداد الدواب على أبواب الكوفة ليهرب عليها. غير أن الخبرة في فنون الحرب خانت أصحاب إبراهيم إذ نادى مناديهم : «لا تتبعوا مدبرا»! هذا بالرغم من أن أبا حنيفة قد بعث إلى إبراهيم كتابا يقول فيه : «إذا أظفرك اللّه بعيسى وأصحابه ، فلا تسرفيهم مسيرة أبيك يعني أمير المؤمنين عليا عليهالسلام في أهل الجمل ، فإنّه لم يقتل المنهزم ولم يأخذ الأموال ولم يتبع مدبرا ولم يذفف على جريح لأنّ القوم لم يكن لهم فئة ، ولكن سرفيهم بسيرته يوم صفين فإنّه سبى الذرية وذفف على الجريح وقسم الغنيمة ، لأنّ أهل الشام كانت لهم فئة وكانوا في بلادهم». فتمكّن لذلك الجيش العباسي من إعادة جمع فلوله والهجوم ثانية ، فاصيب إبراهيم بسهم قاتل ،