مكان واحد حتى يكون قريب الصلة ببغداد ، ويلي أمر حلب فترة من الوقت ثم يتركها راضيا أو كارها ، ويحكم ديار ربيعة فترة من الزمن ، ويعيش في كل تلك الأماكن كما يعيش الملوك ، له فرسانه وسلاحه وقصوره ، يقصده الشعراء فيفيض عليهم.
ولم يكن الحسين بن حمدان الوحيد بين إخوته في الشجاعة والفتوة ، فقد كان لكل واحد منهم طابعه الخاص في الجرأة وخوض الغمار والاستئثار بالنصر ، فكانت وقائع داود كثيرة ، أهمها معركته مع بني عامر بن صعصعة وطئ¨ حينما أوقع بهم هو وأخوه أبو الهيجاء وهزماهم شر هزيمة في طريق الحج.
وأما سليمان بن حمدان بن حمدون ، فكان يعتبر ـ بعد أبيه ـ شيخ بني حمدان ، وكان جرئ القلب صبورا على الحرب عالي الشأن في المعامع ولذلك سمي «بالحرون».
ومن أبناء حمدان ، أبو العلاء سعيد ، والد الشاعر الأمير الفارس أبي فراس ، وكان ملازما مجلس الخليفة المقتدر مكينا عنده ، وكان شأنه في الشجاعة والحرب شأن إخوته ، فحينما هوجم المقتدر في قصره من الجنود الشاغبة ، كان أبو العلاء على غير أهبة للقتال ، إلاّ أن الخليفة استنجد به ودفعه إليهم وأمره بقتالهم ، فأخذ يضرب فيهم وقد أثخنوه بالجراح ، كما كانت له وقعة أخرى مع الجند والقواد في دار الوزير ابن مقلة.
وكما حارب سعيد في دار الخلافة وناضل في دار الوزير ابن مقلة ، فإنّه حارب أيضا في الصحراء والنجود ، وحارب بني سليم وقد تعرضت للحجاج ،