مستحقّا لهذه الصفات ولا يزال ، ووصفنا له تعالى بصفات الأفعال كقولنا خالق ، رازق ، محيي ، مميت ، مبدئ ، معيد ، ألا ترى أنّه قبل خلقه الخلق لايصحّ وصفه بأنّه خالق وقبل إحيائه الأموات لا يقال إنّه محيي. وكذلك القول فيما عدّدناه ، والفرق بين صفات الأفعال وصفات الذّات : أنّ صفات الذّات لا يصحّ لصاحبها الوصف بأضدادها ولا خلوّه منها ، وأوصاف الأفعال يصحّ الوصف لمستحقّها بأضدادها وخروجه عنها ، ألا ترى أنّه لا يصحّ وصف اللّه تعالى بأنّه يموت ، ولا بأنّه يعجز ، ولا بأنّه يجهل ولا يصحّ الوصف له بالخروج عن كونه حيّا عالما قادرا ، ويصحّ الوصف بأنّه غير خالق اليوم ، ولا رازق لزيد ، ولا محيي لميّت بعينه ، ولا مبدئ لشيء في هذه الحال ، ولا معيد له. ويصحّ الوصف له جلّ وعز بأنّه يرزق ويمنع ويحيي ويميت ويبدئ ويعيد ويوجد ويعدم ، فثبتت العبرة في أوصاف الذّات وأوصاف الأفعال ، والفرق بينهما ما ذكرناه (١).
من هنا يتّضح أن الصفات الحقيقية للّه تعالى التي هي عين الذات إنّما هي من النوع الأوّل ، وأما النوع الثاني ، والذي يستلزم تحققه لشيء آخر ، فلا يمكن أن تعتبر صفة لذاته أو عين ذاته تعالى ، فهي من صفات الأفعال.
فالصفات التي يتصف بها تعالى عن تحقق الخلقة ، مثل : الخالقية ، الربانية ، المحيي ، والمميت ، والرازق ، وأمثالها ، لم تكن عين ذاته ، بل زائدة على الذات
__________________
(١) تصحيح الاعتقادات الامامية / الشيخ المفيد : ٤١.