تكن هناك مكتبات أخرى غيرها ، لها حجمها وخاصة في أوروبة ، فقد كانت الأديرة الأوروبية في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) ، تقيد العدد القليل من الكتب ، والذي قد لا يتجاوز العشرة ، بالسلاسل ، نظرا لندرتها وخوفا عليها من الضياع. وكانت أغنى مكتبة في أوروبا سنة ١٣٠٠ م. هي مكتبة كنيسة كنتربري. وتضم خمسة آلاف كتاب. وفي هذا القرن أيضا لم يستطع ملك فرنسا شارل الخامس الملقب بالحكيم ، أن يجمع أكثر من ألف مؤلف يكاد ثلثها يكون خاصا بعلم اللاهوت واحتوت مكتبة كلوني في القرن الثاني عشر خمسمائة وسبعين كتابا.
أن مدينة كان عدد سكانها لايتجاوز ٠٠٠,٥٠ خمسين ألف نسمة على أبعد تقدير أثناء حكم بني عمار تحتوي على ثلاثة ملايين كتاب لهي مفخرة حقا لطرابلس العربية الاسلامية على مر تاريخها إذا قورنت الآن بدولتي الهند والباكستان ، وليس فيهما سوى ضعف واحد مما كان بها من الكتب وذلك بشهادة مؤرخ من شبه القارة الهندية.
إن مكتبة مثل هذه تضم هذا العدد الضخم من المجلدات ، كانت ولا ريب ، تتطلب بناء ضخما ، متسع الأرجاء ، وتحتاج إلى موظفين وعمال ومشرفين كثيرين ، وبالطبع كانت ترصد لها ميزانية ضخمة للانفاق على العاملين بها من موظفين وخطاطين ، ومترجمين ومجلدين ووراقين ، والنساخة ، الذين بلغ عددهم لوحدهم ١٨٠ ناسخا ، هذا إلى جانب التجار الذين كانوا يطوفون البلاد ليأتوا بنوادر الكتب مهما غلا ثمنها.