فقهاء الشيعة كلهم بعد ذلك في الكوفة ، ولم تستمر طول هذه المدة المدرسة التي أنشأها الإمام الصادق في الكوفة ، إلاّ أن الكوفة كانت هي منطلق (الحركة العقلية) في (العصر الثاني) من عصور تاريخ (الفقه الشيعي) ومبعث هذه الحركة ، ومركز الاشعاع ، وظلت مع ذلك بعدُ من أهم مراكز (الفقه الشيعي).
ورغم العقبات الكبرى التي اصطدم بها (أئمة الشيعة) من أهل البيت عليهمالسلام ، وفقهاء الشيعة ورواة الحديث من ضغط الجهاز الحاكم ، حتى كان بعضهم يُعرِض إذا رأى الإمام في الطريق ، لئلا يُتَّهم بالتشيع! وبعضهم يلتقي بالامام ليلاً ، خوفا من الرقابة المسلَّطة على بيوت (أئمة أهل البيت عليهمالسلام).
رغم ذلك كله ، تقدمت الدراسة الفقهية الشيعية ، وتقدم تدوين الحديث شوطا كبيرا في هذه الفترة ، وتركت لنا هذا التراث التشريعي الضخم الذي تمتلئ به المكتبات ، وتحتفل به الدورات الضخمة ، كدورات (الجواهر) ، و (الحدائق) ، و (وسائل الشيعة) الكبيرة.
وصنف قدماء (الشيعة الاثني عشرية) المعاصرون للائمة في الاحاديث المروية من طرق أهل البيت ما يزيد على (ستة آلاف وستمائة كتاب) مذكورة في كتب الرجال ، على ما ضبطه (الشيخ محمد بن الحسن بن الحر العاملي) في آخر الفائدة الرابعة من الوسائل (١).
ومن بين هذا العدد من الكتب الذي يُعتبر وحده مكتبة ضخمة في
__________________
(١) وسائل الشيعة٣٠ : ٥٣٣.