أنّ لكلّ ذي حقّ إجبارَ من عليه الحقّ على أدائه ، من غير فرق بين تعلّقه بمصلحة المتعاقدين وعدمه ، حتّى فيما إذا شرط العتق والوقف لله سبحانه ، إذ ربّما يتعلّق غرض البائع من البيع بعتق المبيع أو جعله وقفاً ، فعندئذٍ يملك الشارط على ذمّة المشروط عليه حقّاً ، وهو أن يقوم بالإعتاق ، والوقف لله سبحانه ، ولأجله يجوز له الإجبار وإن كان ما يقوم به هو العمل لله سبحانه ، وإلى ما ذكرنا يشير الشيخ بقوله : « لعموم وجوب الوفاء بالعقد والشرط ، فإنّ العمل بالشرط ليس إلّا كتسليم العوضين ، فإنّ المشروط له قد ملك الشرط على المشروط عليه بمقتضى العقد المقرون بالشرط فيُجبر على تسليمه » . (١)
هل للمشروط له الفسخ مع التمكّن من الاجبار فيكون مخيّراً بينهما أم لا يجوز له الفسخ إلّا مع تعذّر الإجبار ؟ والظاهر هو الأوّل ، لأنّ الدليل الوحيد للخيار في غير ما ورد فيه النص هو بناء العقلاء ، والخيار عند العقلاء ، مترتب على تخلّف الشرط على وجه الإطلاق سواء أمكن الإجبار أو لا ، وهو حاصل .
استدلّ القائل بأنّ الفسخ بالخيار في طول الإجبار بالعمل بالشرط بقوله : إنّ الخيار على خلاف القاعدة يقتصر فيه على مورد الضرر وهي غير جارية في صورة إمكان الإجبار ، أو أنّ مدركه الإجماع ، والقدر المتيقّن منه هو غير مورد القدرة كما لا يخفى .
يلاحظ عليه : أنّ مدركه هو بناء العقلاء على الخيار عند التخلّف وهو حاصل ، وذلك لأنّ التعهد من كلّ من الطرفين كان مشروطاً لبّاً بالوفاء بالمعاملة
__________________
١ . المتاجر ، قسم الخيارات ، ص ٢٨٥ .