فإن قلت : إنّ الشرط إنّما يجوز إذا لم يخالف كتاب الله وسنّة رسوله وهذا النوع من الشرط يخالف قوله ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) حيث إنّ الخيار بمعنى عدم وجوب الوفاء في المدّة المضروبة ، يخالف مفاد الآية الدالّة على وجوبه .
كما يخالف السنّة حيث قال : « فإذا افترقا وجب البيع » فانّ جعل الخيار أيّاً ما ، يستلزم عدم لزومه بعد الافتراق وهو يخالف قوله : « فإذا افترقا وجب البيع » .
قلت : إنّ جعل الشرط ضمن البيع لا يخالف الكتاب ولا السنّة ؛ أمّا الأوّل فلأنّ مفاد قوله : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) هو وجوب الوفاء بما عقدوا عليه ، والمفروض انّ المعقود عليه ليس هو البيع على وجه الإطلاق بل البيع المقرون بالخيار إلى مدّة معيّنة ، فعندئذٍ يجب الوفاء بالبيع المقيد لا بالبيع المطلق ، فالقول بجواز البيع إلى مدّة معيّنة ولزومه بعد انقضائها ، هو نفس الوفاء بالعقد .
وأمّا الثاني فلأنّ مفاد قوله : « ما لم يفترقا » هو انّ الافتراق بما هوهو ما لم يقترن بشيء آخر ملزِم للعقد ، وهذا لا ينافي أن يكون هناك طارئ آخر موجب لبقاء البيع على الجواز ، نظير خيار العيب والغبن خصوصاً على القول بأنّ مبدأ الخيار في العيب هو العقد .
يجوز أن يكون زمان الخيار متّصلاً بالعقد أو منفصلاً عنه ؛ والأوّل كما إذا عقد واشترط الخيار من زمان العقد إلى ثلاثة أيام ، والثاني كما إذا عقد يوم الأربعاء واشترط الخيار في خصوص يوم الجمعة ، والدليل على صحّتهما إطلاق الدليل .
فإن قلت : إذا افترقا يوم الأربعاء يصير العقد لازماً ، فإذا جاء يوم الجمعة يلزم انقلاب العقد اللازم إلى العقد الجائز .