بِسْمِ اللهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيمِ
الحمد لله ربّ العالمين ، والصّلاة والسلام على خاتم أنبيائه وأفضل سفرائه وأمينه على وحيه ، وعلى آله الذين هم عيبة علمه وحفظة سننه ، وحجج الله في أرضه .
أمّا بعد ، فهذه دروس موجزة في الخيارات والشروط وأحكامهما ، مصحوبة بالاستدلال ، بعيدة عن التعقيد والغموض والإطناب المملّ ، متعرّضة لأهمّ المسائل وألزمها ، معرضة عمّا يقلّ الابتلاء بها .
وقبل الخوض في المقصود نرى من اللازم الإشارة إلى نكتة هامة وهي انّ الفقهاء قسّموا الفقه إلى أقسام أربعة :
١ . العبادات ، ٢ . العقود ، ٣ . الإيقاعات ، ٤ . الأحكام والسياسات .
ويشترك جميعها في لزوم استنباط أحكامها من الكتاب والسنّة والتحلّي بالمبادئ التي يتوقف عليها الاجتهاد ، غير انّ هناك فرقاً رئيسياً بين العبادات والمعاملات ( العقود والإيقاعات ) وهو انّ العبادات المحضة (١) أُمور توقيفية نزل بها الوحي من دون أن يكون للعرف والعقلاء أيّ مدخليّة فيها ، بل يجب على الفقيه الانكباب على الكتاب والسنّة .
وهذا بخلاف المعاملات ، فانّها أُمور عرفية عقلائية أجرى الشارع عليها التعديل ، فأمضى ما يُصبّ في صالح الفرد والمجتمع وردع عن غيره ، الأمر الذي يفسّره
__________________
١ . قيد احترازي عن الزكاة والخمس ونحوهما فانّها قربيات لا عبادات .