إقدام المشتري على المعاملة مبنيّاً على وجود المساواة بين المثمن والثمن ، والمفروض فقدانه في هذا الظرف ، فيثبت الخيار فيه سواء ارتفع السعر بعده أم لا ، وعلى ذلك بناء العقلاء .
وهذا هو الذي اتّفقت عليه كلمة الفقهاء ، قال المحقّق : من اشترى شيئاً و لم يكن من أهل الخبرة وظهر فيه غبن لم تجر العادة بالتغابن به ، كان له الفسخ إذا شاء . (١)
وقال ابن قدامة : المسترسل إذا غبن غبناً يخرج عن العادة ، فله الخيار بين الفسخ والإمضاء ، ولا تحديد للغبن في المنصوص عن أحمد ، وحدّه أبو بكر في التنبيه ، وابن أبي موسى في الإرشاد ، بالثلث ، وهو قول مالك ، لأنّ الثلث كثير ، بدليل قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « والثلث كثير » وقيل : بالسدس ، وقيل : ما لا يتغابن الناس به في العادة ، لأنّ ما لا يرد الشرع بتحديده يرجع فيه إلى العرف . (٢)
ودليل هذا الشرط واضح ، لأنّا لو قلنا بأنّ مدرك الخيار هو حديث « تلقّي الركبان » ، فهو منصرف عن الضرر اليسير بحيث لا يطلق عليه انّه غبن وتضرر ، كما أنّه لو كان المدرك للخيار قاعدة « لا ضرر » فهو مثله ، فلا يطلق على الضرر اليسير ، نعم هو ضرر عقلي وليس بضرر عرفي .
وأمّا إذا قلنا بأنّ مدرك الخيار هو الشرط الضمني وتعاهد المتعاقدين على أنّ الثمن يساوي المثمن في القيمة ، فمن المعلوم أنّ المراد من المساواة هي المساواة
__________________
١ . الجواهر : ٢٣ / ٤٤ ، قسم المتن .
٢ . ابن قدامة : المغني : ٣ / ٥٢٣ . والمراد من « أحمد » إمام مذهبه أحمد بن حنبل ، كما أنّ المقصود من أبي بكر ، هو الخلّال ( المتوفّى٣١٣ هـ ) الذي جمع فتاوى « أحمد » من هنا وهناك ، بعد ما لم يكن له فقه مدوَّن .