كالبيع والإجارة والصلح والجعالة والسبق والرماية ، فإنّ الجميع يقتضي بالذات المعاوضة والتمليك ، فالبيع بلا عوض والإجارة بلا تمليك المنفعة ، يخالف ماهيّة العقد وواقعه .
ونظير ما ذكرنا المضاربة ، فإنّها معاملة بحصّة من الربح ؛ والمزارعة ، فإنّها معاملة على الأرض بحصّة من النماء ؛ والمساقاة ، فإنّها معاملة على الأُصول بحصّة من الثمرة ، فالمضاربة بلا مشاركة في الربح ، أو المزارعة بلا مشاركة في النماء ، أو المساقاة بلا مشاركة في الثمرة ، تنفي ماهيّة هذه العقود وواقعها .
إذا قال : بعت هذا بهذا ، فقد أنشأ ملكية المثمن لمن خرج الثمن عن ملكه ، فإذا شرط وقال : يشترط أن يكون المثمن وقفاً للمسجد ، أو ملكاً لابنه ، فقد شرط ما ينافي المنشئ ، ولو صحّ يلزم الالتزام بشيئين متضادّين .
ربّما يكون للعقد أثر عرفي لا ينفك عنه عند العرف ، بحيث يساوي سلبُه سلبَ المعاملة عرفاً ، فيكون نظير اشتراط ما يخالف منشئه .
مثلاً إذا قال : بعت هذا بهذا بشرط عدم تسليم المبيع للبائع ، فالشرط وإن لم يكن منافياً لماهيّة العقد ولا مقتضاه ، فإنّ هناك تبادلاً بين المالين وإنشاءً لمالكية كلّ من المتبايعين المثمنَ والثمنَ ، ويكفي في صدق البيع وتحقّق ماهيته ، هذا المقدار من الإنشاء والالتزام لكن لما كانت الغاية من البيع هي السيطرة على المبيع ، فاشتراط عدمها في نظر العرف مساوق لعدم مالكيته ، فهي من اللوازم العرفية التي يساوق نفيها نفي مقتضي البيع وإن لم يكن في الواقع كذلك .