قال : « جاورت ابن عباس في داره أثنتي عشرة سنة ، ما في القرآن آية إلاّ وقد سألته عنها » (١).
إلى غير هؤلاء ، ممن وصلت إلينا مروياتهم ، فكانت كثرة لم يأت عن أحد من الصحابة مثلها ، فلا تكاد آية ليس فيها عن ابن عباس أثر.
وقلنا : إنّ كثرة المرويات عن ابن عباس في التفسير ـ وفي الحديث أيضاً ـ صارت سبباً للتشكيك في صحة النسبة ، وزاد الأمر رسوخاً هو ورود المتضّادات في مرويات تلاميذه عنه ، بل حتى في مرويّات الواحد منهم أحياناً ، وهذا ما حمل البعض كالشافعي على رفض الكثير إلاّ القليل منها ، فقال : « لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلاّ شبيه بمائة حديث » (٢) ، وسيأتي ردّ هذا الزعم إذ هو لا يخلو من غمط إن لم يكن هو الخبط ، فالإمام الشافعي مع علّو مقامه لا يعقل أنّه رأى كثرة المبثوث في مصادر التفسير من روايات وأقوال مجاهد وأبي الجوزاء وبقية من تقدم ذكرهم. فرابه ذلك ـ فشكّك في صحة جميع ذلك ـ فرفضه بجرّة من قلم « إلاّ شبيه بمائة حديث » ؛ لقد كان عليه بعد قناعته بذلك التحديد العددي ، أن يذكره كلّه أو بعضه ، أو ما يعينّه ، أمّا الرفض بلا حجة فغير مقبول ، وهذا منّا لا
____________
(١) المعارف لابن قتبية ٤٦٩ ، الكنى والألقاب ١ / ٣٨ ط الحيدرية.
(٢) تهذيب الأسماء واللغات للنووي ١ / ٢٧٥ نقله عن البيهقي في كتابه مناقب الشافعي في باب ما يستدل به على معرفته بصحة الحديث.