ولا يبعد أن يكون المراد بقوله في تفسير الآية : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (١) : « لو ذكرت تفسيره لرجمتموني ، أو لقلتم أنّه كافر » (٢).
أقول : لا يبعد أن يكون مراده هو القسم الثالث من تقسيمه الذي يعلمه العلماء ، فلا مساغ لذكره لسائر الناس ممن لا تحتمل عقولهم ذلك التفسير.
وقد ناقش عبد الحليم النجار في هامش « مذاهب التفسير الإسلامي » نسبة قول ذلك إلى ابن عباس (٣) ، ومناقشته لا تسلم من المناقشة (٤).
ولعلّ في تفسيره بعض الغريب ما يوجب وهماً لمن أساء فهماً ، لذلك قال السيوطي في « الإتقان حول غريب القرآن » : « وأولى ما يرجع إليه في ذلك ما أثبت عن ابن عباس وأصحابه الآخّرين عنه ، فإنّه ورد عنه ما يستوعب تفسير غريب القرآن بالأسانيد الثابتة الصحيحة ، وها أنا أسوق هنا ما ورد من ذلك عن
____________
(١) الطلاق / ١٢.
(٢) أنظر الفتوحات المكية ١ / ٣٢.
(٣) مذاهب التفسير الإسلامي / ٢٣٧.
(٤) لقد قال : ( وإن كل ما يتعلق من علم يجب بثه ونشره ، ويحرم حجبه وكتمانه ) ، وأستدل بقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ ) البقرة / ١٥٩ ) ، وبحديث : ( من كتم علماً عن أهله ألجم يوم القيامة بلجام من نار ) ، وهذا منه غريب! فابن عباس حبر الأمة لم يكتم علماً بيّناً في الكتاب عن أهله ، وإنما حجب ذلك عن غير أهله عمن لا تحتمل عقولهم تفسيره ، ولذا قال : ( لو ذكرت تفسيره لرجمتموني ، أو لقلتم أنه كافر ).