فهذه المحاورة كشفت لنا عن مبلغ علم ابن عباس رضي الله عنه بتأويل القرآن ، بما فيه من معاني دقيقة وإشارات جليلة يمكن توظيفها في محاربة الكافرين الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ، أمثال معاوية ، كما أنّها أيضاً كشفت عن مبلغ حقد ذلك الغاوي العاوي معاوية الطليق بن الطليق ، على أهل البيت عليهم السلام بمن فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولولا مواقف ابن عباس رضي الله عنه في كشف صفحات أولئك الأرجاس ، لقضوا على الدين برمته ، وعلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وشريعته من طريق الحجر على تأويل القرآن بل وحتى تلاوته. فقد كان ابن عباس يقول في قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١) ، قال : « إنّا نقرئك فلا تنسى : (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ) (٢) عليك (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ، يقول : إذا تلي عليك فأتبع ما فيه » (٣).
وهذا النحو من التأويل هو الذي ارتضاه الطبري وغيرهُ. لم يكن يعجب الحاكمين الظالمين المعادين لأهل البيت عليهم السلام ، ألم يقل الطليق معاوية لابن عباس : « سل عن ذلك مَن يتأوله على غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك »!
والآن فلنقرأ بعض ما جاء عن ابن عباس في الجوانب التأويلية للنماذج التالية :
ـ كليات تفسيرية عنه في الوجوه والنظائر.
ـ نماذج تأويلية في أمثال القرآن.
____________
(١) القيامة / ١٧.
(٢) القيامة / ١٨
(٣) تفسير الطبري ١ / ٤٤.