أنزه الله تعالى عن النقائص وأبعده عن صفات المخلوقين ، وأجلّه عما وصفه به الكافرون ، وأفتراه عليه المكذبون الظالون ، فهي إذن دعاء بالتنزيه.
وكذلك كلمة « يسبّح » والتي وردت مكرراً وأفتتحت بها سورة الجمعة ، فقال تعالى : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (١) ، فمعنى التسبيح هو طلب الثناء والتقديس لذات الجلال والعظمة ، وهذا الطلب هو معنى الدعاء والذي يجري على اللسان بالمقال ، كذلك يجري بلسان الحال ، (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (٢).
أمّا الكلمة الثانية : « وكلّ سلطان في القرآن حجة » ، فإنّ كلمة « سلطان » وردت مرفوعة ومنصوبة ومخفوظة في (٣٥) آية كريمة ، وفي جميعها تتضمن معنى الحجة والبرهان وهي القوة في الغلبة ، سواء كانت مادية أو معنوية.
٥ ـ قال السيوطي : « وأخرج بن أبي حاتم من طريق عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كلّ شيء في القرآن الدين فهو الحساب » (٣).
أقول : لقد وردت كلمة « الدين » من الدينونة في (٦٢) موضعاً ، منها ما هو صريح بيوم الحساب ، ومنها ما هو ظاهر في المراد منه أيضاًَ ، ومنهما ما يشير إليه بلوازمه ، وكشواهد على ذلك نقرأ الآيات التالية :
قال سبحانه وتعالى : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ
____________
(١) الجمعة / ١.
(٢) الإسراء / ٤٤.
(٣) الإتقان ١ / ١٤٥.