اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١).
قال ابن عباس : هذا مثل ضربه للمنافقين كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء ، فلمّا ماتوا سلبهم الله العز كما سلب صاحب النار ضوأه (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ) ، يقول : في عذاب ، (أَوْ كَصَيِّبٍ) ، هو المطر ضرب مثله في القرآن ، (فِيهِ ظُلُمَاتٌ) ، يقول : إبتلاء ورعد وبرق وتخويف ، (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ) ، يقول : يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين ، (كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) ، يقول : كلمّا أصاب المنافقون في الإسلام عزاً اطمأنوا ، فإن أصاب الإسلام نكبة قاموا فأبوا الا يرجعوا إلى الكفر ، كقوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (٢).
« الثاني » : قوله تعالى : (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ) (٣).
أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي ـ بن أبي طلحة ـ عن ابن عباس ،
____________
(١) البقرة / (١٧) ـ ٢٠.
(٢) الحج / ١١.
(٣) الرعد / ١٧.