قال : فلمّا كان عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه ، فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكانهم ، قال لعليّ : نم على فراشي واتشح ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه فإنّه لا يخلص إليك شر وكراهة منهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينام في برده ذلك إذا نام ».
قلت : انتهى حديث سلمة ، وزاد يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق : ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليّ بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ويتشح ببرد له أخضر ففعل [ علي ذلك ]. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على القوم وهم على بابه فخرج [ و ] معه حفنة من تراب فجعل ينثرها على رؤسهم ، وأخذ الله عزوجل بأبصارهم عن رؤية نبيه [ و ] هو يقرأ : (يّس والْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) (١) ، إلى قوله : ـ (فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (٢). فلمّا أصبح رسول الله أذن الله له بالخروج إلى المدينة ، وكان آخر من قدم إلى المدينة من الناس فيمن لم يفتن في دينه ـ أو [ لم ] يحبس ـ عليّ بن أبي طالب ، وذلك إنّ رسول الله أخره بمكة وأمره أن ينام على فراشه ، وأجله ثلاثاً ، وأمره أن يؤدي إلى كلّ ذي حق حقه ففعل ، ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واطمأن الناس ونزلوا إلى أرض أمن مع إخوانهم من الأنصار (٣).
٥ ـ عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى : (وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ) (٤) : « (وَمَا كَانُوا) يعني كفار مكة ، (أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ
____________
(١) يس / ٢.
(٢) يس / ٩.
(٣) شواهد التنزيل ١ / ٢١٣ ـ٢١٥.
(٤) الأنفال / ٣٤.