يظاهرونكم على تكذيبكم على ما أنتم عليه ، (إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ، (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) فقد تبين لكم الحق ، (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)أمّا الحجارة فهي حجارة في النار من كبريت أسود يعذّبون به في النار ، لأنّها أحر شيء إذا حميت ، (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر » (١).
فابن عباس يفسر الآيات الكريمة التي فيها من القصص القرآني جانباً من تاريخ بدء الدعوة وما عاناه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم فيه من الوعيد والتهديد لمن لم يستجب وأصرّ على عناده بإسلوب سهل.
فهو بهذا لم يستخرج معاني غامضة فيتّهم في أخذه عن غير أهل بيته وأهله ، بل لم يتجاوز المألوف المعروف في التفسير ، في تلك الفترة ، وهو كذلك نجده واضحاً وبارعاً في تفسير القصص القرآني عن الأمم البائدة ومعاناة الأنبياء معهم ، بل وحتى في الآيات الكونية ، ومشاكل الحياة ، ومشاهد القيامة ، لا ينزع لغير الألفاظ مستعملاً علمه الواسع في فهم معاني القرآن الحكيم ، ومستعيناً كثيراً باللغة والشعر ، حتى عدّ صاحب أوّل مدرسة في التفسير انتهجت بحث المعاني بمعونة الشواهد الشعرية ، وستأتي نماذج تعكس مدى إهتمامه بالاستفادة من الشعر العربي في إيضاح الغامض والغريب عند السامع من اللفظ القرآني ، نحو ما جاء في مسائل نافع بن الأزرق التي سوف تأتي في الحلقة الثالثة.
____________
(١) تفسير الطبري ١ / (١٦٦) ـ ١٦٩ ، مجمع البيان ١ / (١٢٦) ـ ١٢٨ ط الأعلمي.