يسأل عن : (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً). فقال : سألت عنها أحداً قبلي؟ قال : نعم ، سألت عنها ابن عباس ، فقال : الخيل حين تغير في سبيل الله.
قال : اذهب فادعه لي. فلمّا وقفت على رأسه ، قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله لكانت أوّل غزوة في الإسلام لبدر ، وما كان معنا إلاّ فرسان ، فرس للزبير وفرس للمقداد ، فكيف تكون العاديات ضبحاً ، إنّما العاديات ضبحاً من عرفة إلى مزدلفة إلى منى.
قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال عليّ رضي الله عنه ».
وهذا الخبر إذا أردنا قبوله فعلى تحفظ! لأنّه جعل المساءلة كانت بمكة ، لا تصح دعوى اجتماع ابن عباس بعليّ عليه السلام في مكة ، في أي سنة من السنين على عهده صلى الله عليه وآله وسلم سوى سنة الفتح وسنة حجة الوداع ، وبالرغم من كثرة المسائل التي رواها ابن عباس في تلك السنة ـ أعني سنة حجة الوداع ـ ، وقد مرّت عنه في الجزء الأوّل من الحلقة الأولى ، وقلت : إنّها بمثابة منسك جامع لمسائل الحج. فلا يمكن التصديق بحدوث المسألة المذكورة فيها ، لعدم أهلية ابن عباس يومئذ للأخذ عنه.
أمّا عن بقية السنين التي عاشها بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مع الخالفين ، فربّما كان هناك فرض إجتماع بمكة ، إذا كانا حجاجاً معاً كما في أيام عمر وعثمان ، وفي بعض سنّي أيامهما في الحكم ، ولكن يبقى الإشكال أنّ الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة ثم منها إلى منى ، ليس للركائب من ضبح ، ولا إنّهن موريات في قدح ، كما هو حال الخيل فيما إذا قامت على سنابكها ، فغارت