٥ ـ عن يحيى بن أبي كثير ، عن ابن عباس ، قال : « قيّدوا العلم بالكتاب ، من يشتري مني علماً بدرهم » (١).
هذه أيضاً خمس روايات فيها الرخصة من ابن عباس قولاً وعملاً. خمس بخمس! فأيّهما أرجح ميزاناً وأظهر برهاناً؟
فنقول : إنّ الروايات التي ذكرت الكراهة أربع منها عن طاووس وواحدة عن سعيد بن جبير ، وروايات طاووس متفاوتة الألفاظ والمعاني ، ممّا يبعث الشك في ضبط الراوي لها! ومع غض النظر عن ذلك ، فيمكن حمل الكراهة فيها على خوف الإنكباب على درسها ممّا يؤدي إلى الانصراف عن القرآن ، وهذا ما ذكره الخطيب وغيره في وجه المنع.
أمّا روايات الجواز ، فقال فيها : « إنّما اتسع الناس في كتب العلم وعوّلوا على تدوينه في الصحف بعد الكراهة لذلك ، لأنّ الروايات انتشرت والأسانيد طالت ، وأسماء الرجال وكناهم وأنسابهم كثرت ، والعبارات بالألفاظ اختلفت ، فعجزت القلوب عن حفظ ما ذكرنا ، وصار علم الحديث في هذا الزمان أثبت من علم الحافظ ، مع رخصة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن ضعف حفظه في الكتاب ... » (٢).
وهذا لا يبعد كثيراً عمّا قاله الرامهرمزي « ت٣٦٠ هـ » قبله ، فقد قال : « وإنّما كره الكتاب من كره من الصدر الأوّل لقرب العهد ، وتقارب
____________
(١) نفس المصدر / ٩١.
(٢) نفس المصدر.