الله فيه : (قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) (١).
فقال الرجل : يا بن عباس كان أوسطهم في السن؟
فقال : لا بل كان أصغر القوم سناً ، وكان أكبرهم عقلاً ، وأوسط القوم خير القوم ، والدليل عليه في القرآن في قوله : إنّكم يا أمّة محمد أصغر القوم وخير الأمم ، قال الله : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (٢).
فقال أوسطهم : اتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم ، تسلموا وتغنموا ، فبطشوا به فضربوه ضرباً مبرحاً ، فلمّا أيقن الأخ أنّهم يريدون قتله ، دخل معهم في مشورتهم ، كارهاً لأمرهم غير طائع.
فراحوا إلى منازلهم ، ثم حلفوا بالله أن يصوموا إذا أصبحوا ، ولم يقولوا إن شاء الله تعالى ، فابتلاهم الله بذلك الذنب ، وحال بينهم وبين ذلك الرزق ، الذي كانوا أشرفوا عليه ، فأخبر عنهم في الكتاب وقال : (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) (٣) ، قال : كالمحترق.
فقال الرجل : يا بن عباس ما الصريم؟ قال : الليل المظلم ، ثم قال : لا ضوء له ولا نور.
فلمّا أصبح القوم : (فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ
____________
(١) القلم / ٢٨.
(٢) البقرة / ١٤٣.
(٣) القلم / (١٧) ـ ٢٠.