أبي مليكة يحدّث عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال عمر رضي الله عنه يوماً لأصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : فيم ترون هذه الآية نزلت : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ)؟ قالوا : الله أعلم ، فغضب عمر وقال : قولوا نعلم أوّ لا نعلم ، فقال ابن عباس : في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين ، قال عمر : يابن أخي قل ولا تحقّر نفسك ، قال ابن عباس : ضُربت مثلاً لعمل ، قال عمر : أيّ عمل؟ قال ابن عباس : لعمل ، قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله عزوجل ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله » (١).
هذا ما رواه البخاري ، ولا تخلو روايته من خلل في النقل ، وأحسن منها رواية الطبري في تفسيره لهذا الخبر في تفسير الآية المذكورة ، فقد روى بسنده عن عطاء ، قال : « سأل عمر الناس عن هذه الآية فما وجد أحداً يشفيه ، حتى قال ابن عباس ـ وهو خلفه ـ : يا أمير المؤمنين إنّي أجد في نفسي منها شيئاً ، قال : فتلفت إليه ، فقال : تحول ههنا لِمَ تحقّر نفسك؟ قال : هذا مثل ضربه الله عزوجل فقال : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ) أن يعمل عمره بعمل أهل الخير وأهل السعادة حتى إذا كان أحوج ما يكون إلى أن يختمه بخير حين فني عمره واقترب أجله ختم ذلك بعمل من عمل أهل الشقاء فأفسده كلّه فحرقه أحوج ما كان إليه » (٢).
وقد مرّت بنا عدّة شواهد في نماذج تأويلية في أمثال القرآن ، وكان منها
____________
(١) صحيح البخاري ٦ / (٣١) ـ ٣٢.
(٢) تفسير الطبري ٣ / ٧٥ ، الكشاف للزمخشري ١ / ٢٩٩ ط البابي الحلبي ١٢٦٧ هـ.