بالكوفة ، قال : فرفع يديه جميعا ، فقال : « اللهم أذقه حر الحديد ، اللهم أذقه حر الحديد ، اللهم أذقه حر النار ».
قال المنهال : فقدمت الكوفة ، وقد ظهر المختار بن أبي عبيد ، وكان لي صديقا ، قال : فكنت في منزلي أياما حتى انقطع الناس عني ، وركبت إليه فلقيته خارجا من داره ، فقال : يا منهال ، لم تأتنا في ولايتنا هذه ، ولم تهننا بها ، ولم تشركنا فيها؟ فأعلمته أني كنت بمكة ، وأني قد جئتك الان : وسايرته ونحن نتحدث حتى أتى الكناس ، فوقف وقوفا كأنه ينتظر شيئا ، وقد كان أخبر بمكان حرملة بن كاهلة ، فوجه في طلبه ، فلم نلبث أن جاء قوم يركضون وقوم يشتدون حثى قالوا : أيها الأمير ، البشارة ، قد أخذ حرملة بن كاهلة ، فما لبثنا أن جئ به ، فلقا نظر إليه المختار قال لحرملة : الحمد لله الذي مكنني منك. ثم قال : الجزار الجزار ، فأتي بجزار ، فقال له : اقطع يديه ، فقطعتا ، ثم قال له : اقطع رجليه ، فقطعتا ، ثم قال : النار النار؟ فأتي بنار وقصب فألقي عليه واشتعلت فيه النار. فقلت : سبحان الله! فقال لي : يا منهال ، إن التسبيح لحسن ، ففيم سبحت؟
فقلت : أيها الأمير ، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكة على علي بن الحسين عليهماالسلام فقال لي : يا منهال ، ما فعل حرملة بن كاهلة الأسدي؟ فقلت : تركته حيا بالكوفة؟ فرفع يديه جميعا فقال : « اللهم أذقه حر الحديد ، اللهم أذقه حر الحديد ، اللهم أذقه حر النار ».
فقال لي المختار : أسمعت علي بن الحسين عليهماالسلام يقول هذا؟ فقلت : والله لقد سمعته قال ، فنزل عن دابته وصلى ركعتين فأطال السجود ، ثم قام فركب ، وقد احترق حرملة ، وركبت معه وسرنا ، فحاذيت داري ، فقلت : أيها الأمير ، إن رأيت أن تشرفني وتكرمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي. فقال : يا منهال ، تعلمني أن علي بن الحسين دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدي ثم تأمرني أن آكل! هذا يوم صوم شكرا لله ( عزوجل ) على ما فعلته بتوفيقه.
حرملة : هو الذي حمل رأس الحسين عليهالسلام.