المنام ، فأجابني ثم قال لي : امض بنا؟ فمضيت فوقفت معه على الموضع وهو مكروب ، فلم يفتني شئ في منامي إلا الآذن والحير فإني لم أر حيرا ولم أر آذنا ، فاتق الله أيها الرجل ، فإني قد آليت على نفسي ألا أدع إذاعة هذا الحديث ، ولا زيارة ذلك الموضع وقصده وإعظامه ، فإن موضعا يأتيه إبراهيم ومحمد وجبرئيل وميكائيل عليهمالسلام لحقيق بأن يرغب في إتيانه وزيارته ، فإن أبا حصين حدثني أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من رآني في المنام فإياي رأى ، فإن الشيطان لا يتشبه بي.
فقال له موسى : إنما أمسكت عن إجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة التي ظهرت منك ، وبالله لئن بلغني بعد هذا الوقت أنك تتحدث بهذا لأضربن عنقك وعنق هذا الذي جئت به شاهدا علي.
فقال أبو بكر. إذن يمنعني الله وإياه منك ، فإني إنما أردت الله بما كلمتك به فقال له : أتراجعني يا عامر؟ وشتمه ، فقال له : اسكت أخزاك الله وقطع لسانك ، فأرعد موسى على سريره ، ثم قال : خذوه ، فأخذ الشيخ عن السرير وأخذت أنا ، فوالله لقد مر بنا من السحب والجر والضرب ما ظننت أننا لا نكثر الأحياء أبدا ، وكان أشد ما مر بي من ذلك أن رأسي كان يجر على الصخر ، وكان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي ، وموسى يقول : اقتلوهما بني كذا وكذا؟ بالزاني لا يكنى ، وأبو بكر يقول له : أمسك قطع الله لسانك وانتقم منك ، اللهم إياك أردنا ، ولولد وليك غضبنا ، وعليك توكلنا.
فصير بنا جميعا إلى الحبس ، فما لبثنا في الحبس إلا قليلا ، فالتفت إلي أبو بكر ورأي ثيابي قد خرقت وسالت دمائي ، فقال : يا حماني قد قضينا لله حقا ، واكتسبنا في يومنا هذا أجرا ، ولن يضيع ذلك عند الله ولا عند رسوله ، فما لبثنا إلا مقدار غدائه ونومة حتى جاءنا رسوله فأخرجنا إليه ، وطلب حمار أبي بكر فلم يوجد ، فدخلنا عليه فإذا هو في سرداب له يشبه الدور سعة وكبرا ، فتعبنا في المشي إليه تعبا شديدا ، وكان أبو بكر إذا تعب في مشيه جلس يسيرا ثم يقول. اللهم إن هذا فيك فلا تنسه ، فلما دخلنا على موسى ، وإذا هو على سرير له ، فحين بصر بنا ، قال. لا حيا الله ولا قرب من جاهل أحمق يتعرض لما يكره ، ويلك يا دعي ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم.