وولده وعمله ، فيلتفت إلى ماله فيقول : والله إني كنت عليك لحريصا شحيحا ، فما عندك؟ فيقول : خذ مني كفنك. فيقبل إلى ولده فيقول : والله إني كنت لكم لمحبا ، فما لي عندكم؟ فيقولون : أن نؤديك إلى حفرتك فنواريك فيها. فيقبل إلى عمله فيقول : والله إني كنت فيك لزاهدا ، له انك كنت علي لثقيلا ، فما عندك؟ فيقول : أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك.
فإن كان لله وليا أتاه أطيب خلق الله ريحا ، وأحسنه منطقا ، وأحسنه رياشا ، فيقول : ابشر بروح وريحان وجنة نعيم. فيقول : من أنت؟ قال. أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة؟ فإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله ، فإذا دخل قبره أتاه اثنان : يقال لأحدهما منكر ، وللآخر نكير ، يجران أشعارهما ، ويحكان بأنيابهما ، أصواتهما كالرعد العاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، ثم يقولان : يا هذا من ربك ، وما دينك ، ومن نبيك؟ فيقول : الله ربي وديني الاسلام ونبيي محمد فيقولان : ثبتك الله لما تحب وترضى ، فهو قول الله ( تعالى ) : ( ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) (١). ثم يقولان : نم ولي الله قرير العين نومة الآمن الشاب الناعم ، فأنت لقول الله ( عزوجل ) : ( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ) (٢).
وأما عدو الله فإنه يأتيه أقبح خلق الله وجها ، وأخبثه ثيابا ، وأنتنه ريحا ، فيقول له : ابشر بنزل من حميم وتصلية جحيم قدمت شر مقدم. فيقول : من أنت؟ فيقول أنا عملك الخبيث ، فإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يحبسه ، فإذا دخل في قبره أتاه ممتحنا القبر ، فألقيا أكفانه في حفرته ، ثم قالا : من ربك ، وما دينك ، ومن نبتك؟ فيقول : لا أدري. فيقولان : لا دريت ولا هديت ، فيضربان يأفوخه بمرزبة (٣) ضربة ما خلق الله
__________________
(١) سورة إبراهيم ١٤ : ٢٧.
(٢) سورة الفرقان ٢٥ : ٢٤.
(٣) المرزبة : مطرقة أو عصا من حديد.