غيره. قال : فأي الخلق أقوى؟ قال : الحليم. قال : فأي الخلق أشح؟ قال : من أخذ من غير حله ، فجعله في غير حقه. قال : فأي الناس أكيس؟ قال : من أبصر رشده من غيه فمال إلى رشده. قال : فمن أحلم الناس؟ قال : الذي لا يغضب. قال : فأي الناس أثبت رأيا؟ قال : من لم يغره الناس من نفسه ، ولم تغره الدنيا بتسوفها (١). قال : فأي الناس أحمق؟ قال : المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها. قال : فأي الناس أشد حسرة؟ قال : الذي حرم الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين. قال : فأي الخلق أعمى؟ قال : الذي عمل لغير الله ( تعالى ) يطلب بعمله الثواب من عند الله ( عزوجل ). قال : فأي القنوع أفضل؟ قال : القانع بما أعطاه الله. قال : فأي المصائب أشد؟ قال : المصيبة بالدين. قال : فأي الأعمال أحب إلى الله ( عزوجل )؟ قال : انتظار الفرج. قال : فأي الناس خير عند الله؟ قال : أخوفهم له ، وأعملهم بالتقوى ، وأزهدهم في الدنيا. قال : فأي الكلام أفضل عند الله؟ قال : كثرة ذكره والتضرع إليه ودعاؤه. قال : فأي القول أصدق؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله. قال : وأي الأعمال أعظم عند الله ( عزوجل )؟ قال : التسليم والورع. قال : فأي الناس أكرم؟ قال : من صدق في المواطن.
ثم أقبل عليهالسلام على الشيخ فقال : يا شيخ ، إن الله ( عزوجل ) خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم نظرا لهم ، فزهدهم فيها وفي حطامها ، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم ، وصبروا على ضيق المعيشة ، وصبروا على المكروه ، واشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة ، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله ، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة ، فلقوا الله وهو عنهم راض ، وعلموا أن الموت سبيل لمن مضى وبقي ، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة ، ولبسوا الخشن ، وصبروا على أدنى القوت ، وقدموا الفضل ، وأحبوا في الله ، وأبغضوا في الله ( عزوجل ) أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة والسلام.
فقال الشيخ : فأين أذهب وأدع الجنة ، وأنا أراها وأرى أهلها معك! جهزني بقوة
__________________
(١) في نسخة : بتشوقها.