قلت : فأي الليل أفضل؟ قال : جوف الليل الغابر.
قلت : فأي الصلاة أفضل؟ قال : طول القنوت.
قلت : فأي الصدقة أفضل؟ قال : جهد من مقل إلى فقير في سر.
قلت : فما الصوم؟ قال : فرض مجز وعند الله أضعاف ذلك.
قلت : فأي الزكاة أفضل؟ قال : أعلاها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها.
قلت : فأي الجهاد أفضل؟ قال : من عقر جواده ، وأهرق دمه.
قلت : وأي آية أنزلها الله عليك أعظم. قال : آية الكرسي.
قال : قلت يا رسول الله ، فما كانت صحف إبراهيم عليهالسلام؟ قال : كانت أمثالا كلها وكان فيها : أيها الملك المسلط المبتلى ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردها وإن كانت من كافر أو فاجر فجوره على نفسه.
وكان فيها أمثال : وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات. ساعة يناجي فيها ربة ، وساعة يتفكر في صنع الله ( تعالى ) ، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر ، وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال في المطعم والمشرب ، وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا في ثلاث : تزود لمعاد ، أو مرمة لمعاش ، أو لذة في غير محرم ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه ، فإن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.
قلت : يا رسول الله ، فما كانت صحف موسى عليهالسلام؟ قال : كانت عبرا كلها ، وفيها : عجب لمن أيقن بالنار ثم ضحك ، عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، عجب لمن أبصر الدنيا وتقلبها بأهلها حالا بعد حال ثم هو يطمئن إليها ، عجب لمن أيقن بالحساب ثم لم يعمل!
قلت : يا رسول الله ، فهل في الدنيا شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى عليهماالسلام مما أنزل الله عليك؟ قال : اقرأ يا أبا ذر ( قد أفلح من تزكى * وذكر أسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى * إن هذا لفي