وأبي في سعة حين تركتنا الأمة وبايعت غيرنا ، ولم نجد عليهم أعوانا ، وإنما هي السنن والأمثال تتبع بعضها بعضا.
أيها الناس ، إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبوه وصي رسول الله صلىاللهعليهوآله لم تجدوا غيري وغير أخي ، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان ، وكيف بكم وأنى ذلك منكم! ألا وإني قد بايعت هذا ـ وأشار بيده إلى معاوية ـ ( وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) (١).
أيها الناس ، إنه لا يعاب أحد بترك حقه ، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له ، وكل صواب نافع ، وكل خطأ ضار لأهله ، وقد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر داود ، فاما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعمه أبي طالب وهو في الموت. « قل لا إله إلا الله ، أشفع لك بها يوم القيامة » ولم يكن رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول له إلا ما يكون منه على يقين ، وليس ذلك لاحد من الناس كلهم غير شيخنا ـ أعني أبا طالب ـ يقول الله عزوجل : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما ) (٢).
أيها الناس ، اسمعوا وعوا ، واتقوا الله وراجعوا ، وهيهات منكم الرجعة إلى الحق ، وقد صارعكم النكوص ، وخامركم الطغيان والجحود ( أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ) (٣) والسلام على من اتبع الهدى.
قال : فقال معاوية : والله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض ، وهممت أن أبطش به ، ثم علمت أن الاغضاء أقرب إلى العافية.
__________________
(١) سورة الأنبياء ٢١ : ١١١.
(٢) سورة النساء ٤ : ١٨.
(٣) سورة هود ١١ : ٢٨.