بينهما إذ تكسيره يبلغ ستّة وثلاثين ، وإن كان أزيد منهما كما في البعض الآخر فيمكن أن ينطبق على المذهب المشهور ، وإن لم ينطبق فيقاربه جدّا ، وعلى أيّ حال يكون أقرب إلى المشهور منه إلى القول الثاني » (١) انتهى.
وممّا يؤيّد كونه مخالفا للقولين أنّ صاحب المدارك (٢) اعتمد عليه مع عدم اختياره بشيء منهما ، ولو صحّ ما توهّم فيدفعها ما دفعها حسبما تقدّم بيانه.
ومنها : ما عرفت عن الشلمغاني (٣) ، ومستنده على ما ذكره بعضهم الرضوى ، « وكلّ غدير فيه الماء أكثر من كرّ لا ينجّسه ما يقع فيه من النجاسات ، والعلامة في ذلك أن يؤخذ الحجر فيرمى به في وسط الماء ، فإن بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكرّ ، وإن لم يبلغ فهو كرّ لا ينجّسه شيء » (٤) ، وهو كما ترى أضعف الأقوال ومستنده أضعف الأدلّة ، ويكفي في ذلك موافقته لمذهب أبي حنيفة على ما تقدّم بيانه في صدر باب الكثير ، فيقوى فيه احتمال وروده مورد التقيّة بعد سلامة السند عن المناقشة ، ومع الغضّ عن ذلك فإعراض الأصحاب عن العمل به ممّا يسقطه عن درجة الاعتبار.
ومنها : ما عرفت عن ابن طاوس (٥) من العمل بكلّ ما روى ، ومستنده على ما قيل اختلاف روايات الباب ، وقيل : بأنّ مرجعه إلى العمل بقول القمّيّين وجوبا مع استحباب الزائد الّذي عليه المشهور ، وكأنّه ـ لو صحّ ـ مبنيّ على مصيره في مسألة التخيير بين الأقلّ والأكثر إلى وجوب الأقلّ واستحباب الأكثر ، كما هو أحد الأقوال في المسألة.
وربّما يظهر من صاحب المدارك الميل إليه ، كما نبّه عليه عند حكاية هذا القول بقوله : « وكأنّه يحمل الزائد على الندب وهو في غاية القوّة لكن بعد صحّة المستند » (٦).
وفيه : مع أنّ الحقّ في مسألة التخيير بين الأقلّ والأكثر وجوب الزائد والناقص معا ، أنّ التخيير إن اريد به ما يكون في المكلّف به نظير ما هو الحال في خصال الكفّارة فهو فرع الدلالة ، لأنّه خلاف الأصل ـ على ما قرّر في محلّه ـ وهي منتفية على الفرض ، وإن اريد به ما يكون في الإسناد على قياس ما هو الحال في الأدلّة المتعارضة فهو فرع
__________________
(١) مشارق الشموس : ١٩٩.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٥١.
(٣ و ٥) تقدّم في الصفحة ١٥٠ التعليقة ٦ و ٧.
(٤) فقه الرضا : ٩١.
(٦) مدارك الأحكام ١ : ٥٢.