الحديث يدلّ على ثقته وعدالته وفضله ، كما ذكره بعض المعاصرين يعني خالي (١) والمحقّق الداماد » (٢).
وبالجملة : فالرواية من هذه الجهة ممّا لا ينبغي الاسترابة فيه ، وكأنّ إسقاطه الوسائط مبنيّ على قاعدته المعروفة في كتابي الحديث ، من أنّه إذا ترك بعض أسناد الحديث فإنّما يبدأ في أوّل السند باسم الرجل الّذي أخذ الحديث من كتابه ، وأمّا ما فيه من الإضمار ، فهو وإن اشتهر في الألسن كونه ممّا يوجب القدح في الحديث ، غير أنّ التأمّل يقضي بخلافه ، كما صرّح به جماعة منهم صاحب الحدائق قائلا : « بأنّ الإضمار في أخبارنا فقد حقّق غير واحد من أصحابنا رضياللهعنهم أنّه غير قادح في الاعتماد على الخبر ، فإنّ الظاهر أنّ منشأ ذلك هو أنّ أصحاب الأصول لمّا كان من عادتهم أن يقول أحدهم ـ في أوّل الكلام ـ : « سألت فلانا » ويسمّي الإمام الّذي روى عنه ، ثمّ يقول : « وسألته » أو نحو ذلك حتّى ينتهي الأخبار الّتي رواها ، كما يشهد به ملاحظة بعض الاصول الموجودة الآن ككتاب عليّ بن [أبي فضّال] (٣) ، وكتاب قرب الأسناد وغيرهما ، وكان ما رواه عن ذلك الإمام أحكاما كثيرة مختلفة بعضها يتعلّق بالطهارة ، وبعض بالصلاة ، وبعض بالنكاح وهكذا ، والمشايخ الثلاثة رضياللهعنهم لمّا بوّبوا الأخبار ورتّبوها اقتطعوا كلّ حكم من تلك الأحكام ، ووضعوه في بابه بصورة ما هو مذكور في الأصل المنتزع منه ، فوقع الاشتباه على الناظر بظنّ كون المسئول عنه غير الإمام ، وجعل هذا من جملة ما يطعن به في الاعتماد على الخبر » (٤) انتهى.
وهذا في غاية الجودة كما نشاهد في الناس ، فإنّ العادة مستقرّة بأنّ من لو وقع بينه وبين غيره وقائع أو مسائل ، فأراد حكاية تلك الوقائع أو المسائل لغيره فيصرّح باسم صاحبه أوّلا ، ثمّ يحكي عنه كلّ مسألة مسألة مضمرا اسمه.
وإن شئت لاحظ المستفتي في حكاية فتاوي مجتهده الّتي سأله عنها في مجلس
__________________
(١) التفسير إنّما هو من الوحيد البهبهاني صاحب التعليقة ، وخاله الّذي من معاصري المحقّق البحراني المتوفّى سنة ١١٢١ هو العلّامة المجلسي المتوفّى ١١١٠.
(٢) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٤٠١ ـ انظر منتهى المقال ٧ : ٢٩٢ ـ الرواشح السماويّة : ١٠٥.
(٣) الحدائق الناضرة : ١ : ٤٧٩ ، وفي الحدائق الناضرة « عليّ بن جعفر » بدل « عليّ بن أبي فضّال ».
(٤) الحدائق ١ : ٤٧٩.