واحد ، وهي مسائل متفرّقة كلّ بعض منها متعلّقة بباب ، والعادة أيضا جارية بأنّ الناقلين لتلك الوقائع أو المسائل عمّن يروون عنه ، إذا أرادوا نقل كلّ واقعة أو مسألة في بابها اللائق بها ، فلا يزالون يرتكبون التقطيع بين تلك الوقائع أو المسائل المسموعتين ، وينقلون كلّ واقعة ومسألة في بابهما اللائق بهما بصورة ما كانت مسموعة لهم من التصريح بالاسم ، أو إضماره أو نحو ذلك ، هذا فإنّه تحقيق عامّ نفعه.
وممّا استدلّ على المطلب الإجماع المنقول ، اعتمد عليه شيخنا في الشرح المشار إليه (١)
والّذي وصل إلينا منه ثلاث إجماعات ، أحدها ما في المنتهى ، قائلا : « متى كان على جسد الجنب أو المغتسل من حيض وشبهه نجاسة عينيّة ، فالمستعمل إذا قلّ عن الكرّ نجس إجماعا ، بل الحكم بالطهارة إنّما يكون مع الخلوّ عن النجاسة العينيّة » (٢) ، وثانيها مع ثالثها ـ ما تقدّم الإشارة إليهما ـ عن التحرير (٣) والمعتبر (٤) ، وعليهما اعتمد الاستاد (٥) ، حاكما عليهما بكونهما معتضدين بالشهرة المحقّقة.
واستدلّ أيضا : بإيجاب تعدّد الغسل وإهراق الغسلة الاولى بالكلّيّة من الظروف ، ووجوب العصر فيما يجب فيه العصر ، وعدم جواز تطهير ما لا يخرج عنه الماء بالماء القليل ، بل بالماء الكثير.
وضعف الكلّ واضح للمتأمّل ، لجواز كون إيجاب التعدّد من جهة أنّ النجاسة لا تزول عن المحلّ بالمرّة إلّا معه ، وقد علم به الشارع الحكيم فأوجب التعدّد ، وكون اعتبار الإهراق في الآنية والعصر في الثوب من جهة أنّ المطهّر حقيقة هو الصبّ مع الإهراق أو العصر ، دون نفس الماء وإنّما هو شرط ، ولا ينافيه إسناد المطهّرية إليه ، لأنّه آلة فيتوسّع في الاستعمال ، ولعلّه السرّ في اعتبار الكثرة فيما لا يخرج عنه الماء ، فإنّ المطهّر لمّا كان مركّبا من الصبّ والعصر وهو غير ممكن في المفروض ، فأقام الشارع مقامه الغسل بالكثير ، لعلمه بأنّه أيضا نظير الأوّل في إفادة التطهير.
ومن هنا يندفع ما نقض به الجواب عن اعتبار الإهراق في الأواني ، بأنّ ذلك تعبّد من الشارع ، أو أنّه من جهة توقّف تحقّق مفهوم « الغسل » على إخراج الغسالة ، من أنّه
__________________
(١ و ٥) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمهالله ـ ١ : ٣١٤.
(٢) منتهى المطلب ١ : ١٣٧.
(٣) تحرير الأحكام : ٥.
(٤) المعتبر : ٢٢.