في الحدائق على ما فهمه من الاتّحاد بقوله : « فإنّه ـ يعنى الشهيد في الذكرى ـ نقل أوّلا القول بالطهارة عن المبسوط ، ثمّ نقل مذهب الشيخ في الخلاف ، ثمّ نقل مذهب المحقّق والعلّامة وهو القول بالنجاسة مطلقا ، ونقل أدلّته وطعن فيها ثمّ قال : « ولم يبق سوى الاحتياط ، ولا ريب فيها ، فعلى هذا ماء الغسلة كمغسولها قبلها ، وعلى الأوّل كمغسولها بعدها أو كمغسولها بعد الغسل » ، ومثله كلام الشيخ علي في شرح القواعد (١) انتهى.
وجه الاستشهاد : ما أفاده بعد ذلك : « من أنّ التفريع في عبارة الذكرى إنّما جرى على مقتضى الأقوال المتقدّمة ، فإنّ قوله : « فعلى هذا » أي فعلى القول بالنجاسة ، وهو المنقول عن المحقّق والعلّامة ، وقوله : « وعلى الأوّل » إشارة إلى مذهبي المبسوط والخلاف ، وإن كان على سبيل اللفّ والنشر المشوّش ، وعلى تقدير ما ذكر من المغايرة يلزم عدم التفريع على مذهب المحقّق والعلّامة » (٢) انتهى.
والإنصاف : أنّ هذه العبارة ليست بصريحة ولا ظاهرة في كون ما اختاره عين ما اختاره المحقّق والعلّامة.
نعم غاية ما فيها الدلالة على مشاركته في أصل القول بالنجاسة ، وأمّا أنّه يوافقهما في حكم الغسالة من حيث ملاقيها فلا ، والتفريع المذكور فيه لا يشعر بذلك ، بل هو تفريع على أصل القول من حيث إنّه اختاره ، وتحقيق للمسألة لنفسه لا عليه من حيث إنّه مختارهما ، ولا ينافيه عدم التفريع عليه من هذه الحيثيّة ، لجواز كون الحكم المذكور على مذهبهما مشتبها عنده ، بمعنى أنّه لم يكن يدري أنّهما ما يقولان في أصل الغسالة وملاقيها ، بعد البناء فيها على النجاسة ، فليتأمّل.
وكيف كان : فقد ذكر في هذا الكتاب في وجه الفرق بين الغسلتين باعتبار التعدّد في الاولى دون الثانية ـ فيما يجب غسله مرّتين مثلا ـ : « أنّ المحلّ المغسول تضعف نجاسته بعد كلّ غسلة وإن لم يطهر ، ولهذا يكفيه من العدد بعدها ما لا يكفي قبلها ، فيكون حكم ماء الغسلة كذلك ، لأنّ نجاسته مسبّبة عنه فلا يزيد حكمه عليه ، لأنّ الفرع لا يزيد عن الأصل ».
ثمّ نقل عن والده أنّه قال ـ بعد ما نقل هذا الكلام ـ : « أقول : هذا التفصيل بالفرق
__________________
(٢ و ١) الحدائق ١ : ٤٨٩.