القدماء عن الغسالة مع عموم البلوى بها » (١).
وفيه : أنّ مطالبة الأثر في نجاسة الغسالة مع قيام قاعدة انفعال القليل كما ترى ، فإنّها على الفرض قاعدة كلّيّة تكفي في معرفة جزئيّاتها ما لم تخرج عنها ، وقد قرّرها الشارع ومعها لا معنى لمطالبة الدليل في خصوص كلّ مورد من مواردها ، ومن هنا اتّجه عليه إيراد آخر بالقلب ، فإنّه لو كانت الغسالة طاهرة مع اقتضاء قاعدة الانفعال نجاستها لوجب ورود نصّ فيها ، كما ورد في طهارة الاستنجاء ونحوه ، فخلوّ ما وصل إلينا من الأخبار عن مثل هذا النصّ دليل محكّم على العدم ، مع المنع عن خلوّه عن أثر النجاسة ، فإنّ رواية العيص (٢) ـ المتقدّمة ـ كافية في ذلك ، والمناقشة فيها سندا أو دلالة مندفعة بما مرّ ، ثمّ تخرج رواية عبد الله بن سنان (٣) ـ المتقدّمة ـ أيضا شاهدة.
ومنها : تأيّد هذه القاعدة بأصل البراءة ، وأصل الإباحة ، وأصل الطهارة واستصحابها.
وفيه : أنّ قاعدة الانفعال أيضا متأيّدة بالإجماعات المنقولة ـ حسبما تقدّم إليها الإشارة ـ والشهرة محقّقة ومحكيّة ، وعدم قائل بالطهارة صريحا من علمائنا السلف أو ندرة ، والتأييد بهذه الامور لا يقصر عن التأييد بالاصول بل أولى ، كما لا يخفى.
ومنها : نسبة ابن إدريس ما قاله المرتضى ـ في كلامه المتقدّم ـ إلى الاستمرار على أصل المذهب ، وفتاوي الأصحاب به.
وفيه : مع ما عرفت في بحث الورودين من المناقشة في تلك الدعوى ـ حيث لا موافق له فيها ، بل التتبّع في كلمات الفقهاء وملاحظة سيرة الناس يقضي ببطلانها ـ أنّها معارضة بدعوى الإجماعات المتقدّمة ، والعجب أنّه يغمض عن هذه الإجماعات ويتشبّث بما فيه عندهم ألف كلام.
ومنها : أنّ هذه لم يعثر على تخلّفها بالنسبة إلى المياه أبدا ، بخلاف الاخرى فإنّها قد تخلّفت في بعض وهو محلّ وفاق ، كالاستنجاء وماء المطر والجاري ، وآخر محلّ خلاف كالحمّام ونحوه.
وفيه أوّلا : أنّه لو اكتفى في دعوى تخلّف قاعدة الانفعال بما هو محلّ خلاف فمثله
__________________
(١) ذكرى الشيعة ١ : ٨٤.
(٢) الوسائل ١ : ٢١٥ ب ٩ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ح ١٤ ، الذكرى ١ : ٨٤.
(٣) الوسائل ١ : ٢١٥ ب ٩ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ح ١٣ ، التهذيب ١ : ٢٢١ / ٦٣٠.