المجموع فلا يندرج فيه المقام ؛ ومعه يبقى المفهوم سليما عن المعارضة ، أنّ الملاقاة لكونها علّة للكرّيّة مقدّمة ذاتا على الكرّيّة فهي بمجرّد تحقّقها تؤثّر في انفعال الملاقي قضاء لاستحالة تخلّف المعلول عن العلّة ، غاية الأمر أنّ هذا المعلول يقارن المعلول الآخر وهو الكرّيّة في الوجود الخارجي ، وقضيّة ذلك مصادفة هذا المعلول محلّا غير قابل لأن يؤثّر في عدم انفعاله وإلّا لزم اجتماع النقيضين.
فإن قلت : إنّما يلزم المحذور لو ترتّب الأثران على الملاقاة والكرّيّة متقارنين وهو ليس بلازم ، لجواز أن يترتّب الأثر على الكرّيّة بعد ما ترتّب على الملاقاة أثرها ، غاية ما هنالك لزوم الالتزام بأنّ هنا حدوثا للانفعال وزوالا له جمعا بين المفهوم والمنطوق.
قلت : ذلك خروج عن الفرض حيث إنّ الاعتراض ـ قبالا لما ادّعيناه من اقتضاء الملاقاة انفعال الملاقي ـ دعوى مانعيّة الكرّيّة عن حدوث الانفعال ، وما ذكر في التفصّي عن المحذور التزام بكون الكرّيّة رافعة للانفعال الحادث ؛ والفرق بين المعنيين بيّن كما بين السماء والأرض ؛ مع أنّ مفاد المنطوق كون الكرّيّة مانعة عن حدوث الانفعال لا أنّها رافعة للانفعال الحادث فلا منطوق بالقياس إلى ما ذكر ، فيعود الكلام إلى بقائه تحت المفهوم.
ودعوى دخوله فيه أوّلا وخروجه ثانيا بطروّ الكرّيّة ممّا لا شاهد بها.
وفي كلام غير واحد الاحتجاج على المختار بالاستصحاب وهو لا يخلو عن نوع مناقشة ؛ إذ لو اريد بالنجاسة المستصحبة نجاسة الجميع فهو كذب ، لمكان كون الحالة السابقة في المتمّم الطهارة.
ولو اريد بها ما يختصّ بالبعض المتنجّس فهي معارضة بطهارة المتمّم ؛ ولو اريد العمل بالاستصحابين معا ولو بعد الممازجة ، فهو باطل بحكم الملازمة المجمع عليها المقتضية لعدم اختلاف الماء الواحد في الحكم.
إلّا أن يقال : بأنّ المراد بها النجاسة المختصّة مع الحكم بنجاسة الجميع بحكم تلك الملازمة ، أو بحكم ما دلّ على انفعال القليل بملاقاة المتنجّس الّذي حكم عليه بالنجاسة شرعا ، على ما سبق تحقيقه في ذيل مسألة أنّ النجاسة منوطة في نظر الشارع بالعلم بها ولو شرعا.