أو بما في حواشي الاستبصار (١) ـ للسيّد صاحب المدارك ـ من أنّ عمرو بن سعيد بن هلال لم ينصّ عليه علمائنا بمدح ولا قدح.
وتصدّى الشيخ في الاستبصار لدفع التنافي بتخصيصه التقدير المذكور بالحمار قائلا : « بأنّه لا يمتنع أن يكون عليهالسلام أجاب بما يختصّ حكم الحمار ، وعوّل في حكم الجمل على ما سمع منه من وجوب نزح الماء كلّه » (٢) ، وهذا التأويل كما ترى لا يلائم ما في المدارك (٣) عن الشيخين (٤) ، وأتباعهما (٥) ، من أنّهم أوجبوا في البقرة كرّا ، بناء على أنّ تاءها للوحدة والمجرّد عنها اسم جنس يقع على الذكر والانثى كما في المجمع (٦) ، وكأنّه وجد عن الشيخ في كتابه الآخر ، وعلى أيّ نحو كان فهو ضعيف وإن أرادوا بالبقرة خصوص الانثى كما يظهر عن صاحب المدارك (٧) ، ومثله في الضعف ما عن ابن إدريس (٨) من أنّه اكتفى في الثور بكرّ.
وكما أنّ الخبرين المتقدّمين يدلّان على حكم ما تقدّم فكذلك يدلّان على حكم وقوع الخمر على ما استدلّ عليه بهما الجماعة ، مصرّحين بعدم الفرق بين قليله وكثيره ، وجعله الشيخ مؤيّدا لصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله في البئر يبول فيها الصبيّ ، أو يصبّ فيها بول أو خمر؟ فقال : « ينزح » (٩).
وفيه نظر واعترض في تعميم الحكم بالقياس إلى القليل بمنع تناول الخبرين له ، لأنّ التعبير بالصبّ يفهم منه الكثرة ، ومن هنا ذهب ابن بابويه القمّي ـ على ما حكي
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) الاستبصار ١ : ٣٥ ذيل الحديث ٣ من ب ١٩ من أبواب المياه.
(٣) مدارك الأحكام ١ : ٦٦.
(٤) وهما المفيد في المقنعة : ٦٦ والشيخ في المبسوط ١ : ١١ ـ والنهاية ١ : ٢٠٨.
(٥) منهم ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٢١ وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٣٠ والسلّار في المراسم العلويّة : ٣٥.
(٦) مجمع البحرين : مادّة « بقر ».
(٧) مدارك الأحكام ١ : ٦٦ حيث قال : « والأظهر إلحاق الثور والبقرة به » الخ.
(٨) السرائر ١ : ٧٢ حيث قال : « ما يوجب نزح كرّ ، وهو مرّت خمس من الحيوان : الخيل ، والبغال ، والحمير أهليّة كانت أو غير أهليّة ، والبقر وحشيّة كانت أو غير وحشيّة ، أو ما ماثلها في مقدار الجسم » ، ولا ريب في دخول الثور في ما ماثلها في مقدار الجسم.
(٩) الوسائل ١ : ١٧٩ ب ١٥ من أبواب الماء المطلق ح ٤ ـ التهذيب ١ : ٢٤١ / ٦٩٦ ـ الاستبصار ١ : ٣٥ / ٩٤ ـ وزاد فيه : « ينزح الماء كلّه ».