ابن يسار عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلّ مسكر خمر » (١) ، ورواية عليّ بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام : « إنّ الله لم يحرّم الخمر لاسمها ، ولكن حرّمها لعاقبتها ، فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر » (٢).
ويعترض عليه تارة : بأنّه لو بنى على هذا العموم لزم عدم الفرق بين الجامد والمائع ، ولو بنى على ظهور التنزيل في حرمة التناول خاصّة خرج ما عدا الخمر ، لاختصاص ما فيه من الأمر بنزح الكلّ بالخمر.
واخرى : بما في المدارك (٣) من أنّ الإطلاق أعمّ من الحقيقة ، والمجاز خير من الاشتراك.
ويمكن دفع الأوّل : باختيار الشقّ الأوّل مع القول بموجب العموم المذكور لو لا ما يوجب الخروج عنه بالقياس إلى الجامد من الدلالة على عدم نجاسته ، وقد عرفت نقل الاتّفاق عليه ، وكلّ عامّ قابل للتخصيص.
ودفع الثاني : بأنّ التمسّك بالإطلاق ليس لغرض إثبات الوضع والحقيقة حتّى يقابل بما ذكر ، مع ما فيه من عدم جريانه بالنسبة إلى احتمال الاشتراك المعنوي كما قرّر في محلّه ، وإنّما المقصود به إثبات الإطلاق على نحو الاستعارة والتشبيه ليحرز به ما هو مناط قاعدتهم المعروفة من أنّ التشبيه يفيد المشاركة في الأحكام مطلقة أو الظاهرة منها خاصّة ، نعم يشكل ذلك بمنع كون وجوب نزح الجميع من الأحكام الظاهرة ، والمحقّق عدم اقتضاء التشبيه إلّا المشاركة فيها خاصّة ، ومن هنا اتّجه أن يقال : إنّه لو قيل بنزح الجميع فيما لا نصّ فيه عمّ الحكم لغير الخمر أيضا وإلّا فللتأمّل فيه مجال واسع.
وممّا ذكر تبيّن الحال في الفقّاع الّذي حكى عن الشيخ (٤) إلحاقه بالخمر ، وعن أبي الصلاح (٥) أنّه تبعه ، وكذلك ابن إدريس (٦) وغيره (٧) ، بل عنه (٨) كابن زهرة (٩) دعوى الإجماع عليه ، فإنّ ذلك أيضا ممّا لا مستند له في الأخبار عدا ورود إطلاق الخمر عليه
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٣٢٦ ب ١٥ من أبواب الأشربة المحرّمة ح ٥ ـ الكافي ٦ : ٤٠٨ / ٣.
(٢) الوسائل ٢٥ : ٣٤٢ ب ١٩ من أبواب الأشربة المحرّمة ح ١ ـ الكافي ٦ : ٤١٢ / ٢.
(٣) مدارك الأحكام ١ : ٦٣.
(٤) حكى عنه في منتهى المطلب ١ : ٧١ ـ لاحظ المبسوط ١ : ١١.
(٥) الكافي في الفقه : ١٣٠.
(٦) السرائر ١ : ٧٢.
(٧) كالقاضي في المهذّب ١ : ٢١.
(٨) السرائر ١ : ٧٢. (٩) غنية النزوع : ٤٨.