وفيه : منع استفادة البدليّة المطلقة على تقدير الحمل على الاستحباب كما هو الظاهر ، فإنّ بدليّة مستحبّ عن مستحبّ لا يقضي ببدليّة مثل ذلك المستحبّ عن واجب ، سيّما إذا اعتبرناه للتطهير لا لمجرّد التعبّد ، وحمله على التعبّد تأويل لا شاهد له يصلح التعويل عليه ، وعلى صحّة التعويل عليه هنا فهو في أشياء مخصوصة ليس معها ما يدلّ بعموم الحكم ، وسقوط الخصوصيّة ولو سلّم فأقصى ما يسلّم فيه من العموم إنّما هو بالنسبة إلى أفراد التغيّر لا مطلقا ، والأولويّة المدّعاة ممنوعة ، كيف والتغيّر أقوى سببي النجاسة.
وثالثة : بأنّ ظاهره يدلّ على وجوب التراوح يوما بعد وجوب نزحه يوما ، وحاصله الدلالة على وجوب نزحه يومين ، لمكان قوله عليهالسلام : « ثمّ يقام عليها قوم يتراوحون » بعد قوله عليهالسلام : « فلينزف يوما إلى الليل » وهو ممّا لا قائل به.
فدفع تارة : بمنع كون كلمة « ثمّ » هنا للترتيب ، لجواز كونها لغيره ، كما ورد كثيرا ومنه قوله تعالى : (كَلّا سَيَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلّا سَيَعْلَمُونَ) (١).
واخرى : بالإجماع على عدم وجوب ما عدا التراوح ، فهو قرينة ظاهرة على عدم إرادة الترتيب.
وثالثة : باحتمال سقوط لفظ « قال » بعد كلمة « ثمّ » على أن يكونا من كلام الراوي ، كما يرشد إليه ما في سابقه في التهذيب (٢) من قوله : « ثمّ قال : فإن غلب » الظاهر في كونه للشيخ ، لمكان قوله ـ بعد قال ـ : « أعني أبا عبد الله » ، هذا مضافا إلى ما عن بعض النسخ من قوله : « ثمّ قال : يقام » كما نقل ، مع قوّة احتمال زيادة تلك اللفظة كما عن المعتبر (٣) من عدم ذكره إيّاها.
ورابعة : بأنّ المراد بالنزف يوما نزح الجميع في يوم ، ثمّ إذا لم ينزف في يوم تراوح عليها أربعة.
وخامسة : باحتمال الفتح في « ثمّ » على أن تكون للإشارة ، فيكون معنى : ثمّ يقام في تلك الحال وذلك الوقت يقام عليها قوم ، ويكون قوله : « يقام » بيانا لكيفيّة النزف.
ولا يخفى ما في الكلّ من التكلّف ؛ وفي المقام فروع ينبغي الإشارة إليها.
__________________
(١) التكاثر : ٣ و ٤.
(٢) التهذيب ١ : ٢٤٢ / ٦٩٩.
(٣) المعتبر : ١٤.