منكم ، ما كان فينا القارئ لكتاب الله ، العالم بسنن الله ، المضطلع بأمر الرعيّة ، الدافع عنهم الأمور السيّئة ، القاسم بينهم بالسويّة ، والله إنَّه لفينا ، فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحقِّ بعدا» (١).
بعد قوله عليهالسلام : «لمّا مضى ـ المصطفى ـ لسبيله تنازع المسلمون الأمر بعده ، فو الله ما كان يُلقى في روعي ، ولا يخطر على بالي أنَّ العرب تعدل هذا الأمر بعد محمد عن أهل بيته ، ولا أنَّهم مُنحّوه عنّي من بعده ، فما راعني إلاّ انثيال الناس على أبي بكر ، وإجفالهم إليه ليبايعوه ، فأمسكت يدي ، ورأيت أنِّي أحقُّ بمقام محمد في الناس ممّن تولّى الأمر من بعده» (٢).
بعد ما خرج عليّ كرّم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنَّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به ، فيقول عليّ كرّم الله وجهه : «أفكنت أدع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيته لم أدفنه ، وأخرج أُنازع سلطانه؟ فقالت فاطمة : ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم» (٣).
بعد قوله عليهالسلام : «أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة ، وإنَّه ليعلم أنَّ محلّي منها محلُّ القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليَّ الطير ، فسدلت دونها ثوباً ، وطويت عنها كشحاً ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيدٍ جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربَّه ،
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ١ / ١٢ [ ١ / ١٩ ] ، شرح ابن أبي الحديد : ٢ / ٥ [ ٦ / ١٢ خطبة ٦٦ ]. (المؤلف)
(٢) الإمامة والسياسة : ١ / ١٢٠ [ ١ / ١٣٣ ]. (المؤلف)
(٣) الإمامة والسياسة : ١ / ١٢ [ ١ / ١٩ ] ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ١٣١ ، ٢ / ٥ [ ٢ / ٤٧ خطبة ٢٦ و ٦ / ١٣ خطبة ٦٦ ]. (المؤلف)