ابن عليّ (١) قال : أنزل الله عزّ وجلّ في الخمر ثلاث مرّات ، فأوّل ما أنزل قال الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) (٢) قال : فشربها من المسلمين من شاء الله منهم على ذلك حتى شرب رجلان فدخلا في الصلاة فجعلا يهجران كلاماً لا يدري عوف ما هو ، فأنزل الله عزّ وجلّ فيها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) (٣) فشربها من شربها منهم وجعلوا يتّقونها عند الصلاة حتى شربها فيما زعم أبو القموص رجلٌ فجعل ينوح على قتلى بدر :
تحيّي بالسلامة أمّ عمرو |
|
وهل لك بعد رهطك من سلامِ |
ذريني أصطبح بكراً فإنِّي |
|
رأيت الموتَ نقَّب عن هشامِ |
وودَّ بنو المغيرةِ لو فدوهُ |
|
بألفٍ من رجالٍ أو سوامِ |
كأنّي بالطويِّ طويِّ بدرٍ |
|
من الشيزى يكلّل بالسنامِ |
كأنّي بالطويِّ طويِّ بدرٍ |
|
من الفتيان والحللِ الكرامِ |
قال : فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجاء فزعاً يجرُّ رداءه من الفزع حتى انتهى إليه ، فلمّا عاينه الرجل فرفع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئاً كان بيده ليضربه قال : أعوذ بالله من غضب الله ورسوله ، والله لا أطعمها أبداً فأنزل الله تحريمها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ). إلى قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٤). فقال عمر بن الخطّاب رضى الله عنه : انتهينا. انتهينا (٥).
__________________
(١) ثقة كما في تهذيب التهذيب : ٣ / ٤٢٠ [ ٣ / ٣٦٣ ]. (المؤلف)
(٢) البقرة : ٢١٩.
(٣) النساء : ٤٣.
(٤) المائدة : ٩٠ و ٩١.
(٥) لا يخفى على القارئ أنّ الطبري حرّف اسم أبي بكر وجعل مكانه : رجل. وحرّف كلمة : أمّ بكر ، في الشعر وبدّلها بأم عمرو ، صوناً للكرامة. (المؤلف)