فتح الباري (١٠ / ٢٤) وعمدة القاري (١) (١٠ / ٨٢).
٤ ـ حرمتها في سنة الفتح عام ثمانية من الهجرة يوم الندوة المذكورة المنعقدة في دار أبي طلحة بآية المائدة التي فيها الإرهاب والتحذير ، وبها كفَّ عمر ومن كان معه في تلك الندوة عن الشرب وقال : انتهينا ، انتهينا.
وهذا القول غير مدعوم بحجّة ، وليس إلاّ لتصحيح شرب أولئك الرجال من الصحابة وجعله قبل التحريم ، فترى مثل ابن حجر لا يحكم به حكماً باتّا بل يستظهره من حديث أحمد (٢) ، قال في فتح الباري (٣) (٨ / ٢٧٤) : الذي يظهر أنّ تحريمها كان عام الفتح سنة ثمان لما روى أحمد من طريق عبد الرحمن بن وعلة ، قال : سألت ابن عباس عن بيع الخمر فقال : كان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صديق من ثقيف أو من دوس فلقيه بمكة عام الفتح براوية خمر يهديها إليه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أبا فلان أما علمت أنَّ الله حرّمها؟ فأقبل الرجل على غلامه فقال : اذهب فبعها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أبا فلان بما ذا أمرته؟ قال : أمرته أن يبيعها ، قال : إنّ الذي حرّم شربها حرّم بيعها. فأمر بها فأُفرغت في البطحاء.
وقصارى ما في هذا الحديث أنّ تحريم الخمر بلغ الرجل في عام الفتح لا أنَّها حُرّمت فيه ، لأنّ الرجل كان في منتأىً عن مستوى تبليغ الأحكام ، متخبّطاً بين أعراب البوادي ، غير عارف حتى بأصول المراودة والتحابب ، ويشهد لذلك إهداؤه الخمر لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنَّها على فرض عدم حرمتها ليست ممّا يُهدى إلى مثله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكن الرجل كان من دهماء الناس ، وجرى على ما هو المطّرد بين الرعرعة والساقة.
__________________
(١) فتح الباري : ١٠ / ٣١ ، عمدة القاري : ٢١ / ١٦٦.
(٢) مسند أحمد : ١ / ٣٨١ ح ٢٠٤٢.
(٣) فتح الباري : ٨ / ٢٧٩.