أنّه يدخل فيه ولد ولده ، وولد بناته ما تناسلوا. وكذلك إذا أوصى لقرابته يدخل فيه ولد البنت ، والقرابة عند أبي حنيفة كلّ ذي رحم مَحْرَم. إلى أن قال :
وقال مالك : لا يدخل في ذلك ولد البنات ، وقد تقدّم نحو هذا عن الشافعي (١) (٤ / ١٠٤) ، والحجّة لهما قوله سبحانه : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) فلم يعقل المسلمون (٢) من ظاهر الآية إلاّ ولد الصلب وولد الابن خاصّة. إلى أن قال : وقال ابن القصّار : وحجّة من أدخل البنات في الأقارب قوله عليهالسلام للحسن بن عليّ : «إنّ ابني هذا سيّد». ولا نعلم أحداً يمتنع أن يقول في ولد البنات لأنّهم ولد لأبي أُمّهم. والمعنى يقتضي ذلك ؛ لأنّ الولد مشتقّ من التولّد وهم متولّدون عن أبي أمّهم لا محالة ، والتولّد من جهة الأمّ كالتولّد من جهة الأب ، وقد دلّ القرآن على ذلك ، قال الله تعالى : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) إلى قوله : (مِنَ الصَّالِحِينَ) فجعل عيسى من ذريّته وهو ابن بنته. انتهى.
وأخرج ابن أبي حاتم ؛ بإسناده عن أبي حرب بن الأسود قال : أرسل الحجّاج إلى يحيى بن يعمر فقال : بلغني أنّك تزعم أنّ الحسن والحسين من ذريّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. تجده في كتاب الله؟ وقد قرأته من أوّله إلى آخره فلم أجده. قال : أليس تقرأ سورة الأنعام : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) حتى بلغ : (وَيَحْيى وَعِيسى)؟ قال بلى. قال : أليس عيسى من ذرّية إبراهيم وليس له أب؟ قال : صدقت.
فلهذا إذا أوصى الرجل لذريّته أو وقف على ذريّته أو وهبهم دخل أولاد البنات فيهم. إلخ. تفسير ابن كثير (٢ / ١٥٥).
فبعد كون ذريّة الرجل ولده على الإطلاق ودخل فيهم أولاد البنات لا ينبغي
__________________
(١) أنظر الجامع لأحكام القرآن : ٤ / ٦٧.
(٢) هذه فرية على المسلمين وحاشاهم أن يعقلوا من الآية خلاف ظاهرها من دون أي دليل صارف. (المؤلف)