وجوره وفجوره ، ويجب على الأمّة طاعته على كلّ حال برّا كان أو فاجراً ، ولا يسوغ لأحد مخالفته ولا القيام عليه والتنازع في أمره.
فعلى هذا الأساس كان يزحزح خلفاء الانتخاب الدستوري في القضاء والإفتاء عن حكم الكتاب والسنّة ولم يكن هناك أيّ وازع ، ولم يكن يوجد قطّ أحد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؛ خوفاً ممّا افتعلته يد السياسة ؛ وجعلت به على الأفواه أوكية (١).
من حديث عرفجة مرفوعاً : ستكون هنات وهنات ؛ فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الأمّة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان (٢).
ورواية عبد الله مرفوعاً : ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها. قالوا : يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منّا ذلك؟ قال : تؤدّون الحقّ الذي عليكم ، وتسألون الله الذي لكم. صحيح مسلم (٣) (٢ / ١١٨)
وعلى هذا الأساس تمكّن معاوية بن أبي سفيان من أن يجلس بالكوفة للبيعة ويبايعه الناس على البراءة من عليّ بن أبي طالب. البيان والتبيين (٤) (٢ / ٨٥).
وعلى هذا الأساس أقرّ عبد الله بن عمر بيعة يزيد الخمور ، قال نافع : لمّا خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه ومواليه. وفي رواية سليمان : حشمه وولده وقال : إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «ينصب لكلّ غادر لواء يوم القيامة». زاد الزهراني : قال : وإنّا قد بايعنا هذا الرجل على بيعة الله ورسوله ، وإنّي لا أعلم غدراً أعظم من أن تبايع رجلاً على بيعة الله ورسوله ثمّ تنصب له القتال ، وإنّي لا أعلم أحداً منكم خلع ولا بايع في هذا الأمر إلاّ كانت الفيصل فيما بيني وبينه.
__________________
(١) جمع وكاء ، وهو ما يشدّ به الكيس وغيره.
(٢) صحيح مسلم : ٢ / ١٢١ [ ٤ / ١٢٧ ح ٥٩ ] ، سنن أبي داود : ٢ / ٢٨٣ [ ٤ / ٢٤٢ ح ٤٧٦٢ ]. (المؤلف)
(٣) صحيح مسلم : ٤ / ١٢٠ ح ٤٥ كتاب الإمارة.
(٤) البيان والتبيين : ٢ / ٧٢.